الحمد لله على نعمة الإسلام، وأنعم به من دينٍ! أحل الله به الحلال وحرم الحرام، أباح الطيبات وندب إليها، وحرم الخبائث ونهى عنها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنزل على عبده الكتاب المبين، فيه البشارة والنذارة، والوعد والوعيد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي بلغ البلاغ المبين، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فيا عباد الله: اتقوا الله عز وجل.
عباد الله: جاء في القرآن الكريم ذكر أمة من الأمم لها فعلٌ وخيمٌ لم تسبق إلى مثله، إن تلك الأمة جاءت بعارٍ شنيع فعُيرت بذلك الفعل الوخيم، وعذبت به عذاباً سُطِّر خبره في كتاب الله عز وجل؛ ليكون تحذيراً للأمة الإسلامية؛ لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وما أدراك ما تلك الأمة التي فعلت تلك الجريمة الشنعاء، التي يقشعر من ذكر جريمتها الجلد، ويندى لها الجبين؟
إنهم قوم لوط؛ الذين أخبر الله عنهم في كتابه المبين حيث قال: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} [الأعراف:80] فهي فاحشةٌ عظيمةٌ ووخيمةٌ، كيف لا؟! والله يذكرها في مواضعٍ من كتابه بذكر وتصريح فتشمئز منها القلوب، وتنفر عنها الطباع أشد نفرة، ألا وهو إتيان الرجل رجلاً مثله! فيقول الله جلَّ وعلا: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} [الأعراف:81] والإسراف هو: مجاوزة الحد، ثم وصف الله جل وعلا تلك الأمة بوصفين في غاية القبح، فقال جل وعلا: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ} [الأنبياء:74] وسماهم مفسدين، وسماهم ظالمين، والآيات فيهم في كتاب الله كثيرة معلومة.
عباد الله! إنه ليس في المعاصي مفسدةٌ أعظم من مفسدة اللواط، فهي كبيرةٌ عظيمةٌ وفاحشةٌ شنعاء، وهي التي تلي مفسدة الكفر، ولم يبتلِ الله بهذه الكبيرة قبل قوم لوط أحداً من العالمين، فلهذا عاقبهم الله عقوبة لم يعاقب بها أمةً غيرهم.