فيا عبد الله: يا من يريد النجاة يوم الوعيد! بادر بالتوبة إلى الله، بادر بالتوبة إلى الله، قبل أن يتحقق فيك قول الله جل وعلا: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الزمر:56 - 58]! ففي ذلك اليوم لا يُجاب لهم مطلب، ولا يُسمع لهم كلام، كما أخبر الله في محكم البيان: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ} [الأنعام:27 - 28] قال الله تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الأنعام:28].
عباد الله! في يوم القيامة تظهر السرائر وتنكشف أمام العالمين، قال الله تعالى: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْأِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [الزلزلة:2 - 4].
إن يوم القيامة أمره عظيم، وخطره جسيم، في ذلك اليوم العظيم يقبض الله الأرض، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟! أين الجبارون؟! أين المتكبرون؟! وينادي رب العزة والجلال: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} [غافر:16] ثم يجيب نفسه بنفسه: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر:16] ففي ذلك اليوم لا تسأل عما يحدث من الدمار الكوني، فالأرض تُزَلزل وتُبَدل، والسماء تُشَقق بالغمام وتمور موراً، والشمس تُكَور، والقمر يُخْسَف به، والنجوم تَنْكَدر، وينقطع عِقْدُها، ويذهب ضوءُها، والبحار تُفَجر وتُسَجر، والوحوش تُحْشَر، والنفوس تُزَوج، والجحيم تُسَعر، والجنة تُزْلَف، والخلائق قد جُمِعوا في صعيد واحد، ينفذُهم البصر، ويُسْمعهم الداعي، اجتمعوا ليوم الفصل.
يومٌ تشققت السماء لهوله وتشيب منه مفارق الوِلْدان
عباد الله: علينا أن نستعد لذلك اليوم، علينا أن نبادر بطاعة الله، ونستقيم على ما يحبه الله ويرضاه.
اللهم إنا نسألك حسن الختام، اللهم إنا نسألك حسن الختام، يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، واجعلنا من هؤلاء الصنف.
يوم يجيء المتقون لربهم وفداً على نُجُبٍ من العِقْيانِ
ولا تجعلنا من المجرمين.
ويجيء فيه المجرمون إلى لظى يتلمظون تلمظ العطشانِ
اللهم صل وسلم على نبينا محمد.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم