أيها المسلمون: لعلكم تتفكرون في هذه الكلمات، ولعلها تدخل في صميم قلوبكم: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقتصر على فئة معينة من الناس، إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على الناس جميعاً، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: {من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان}.
والبعض من الناس يظن أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خاص بفئة من الناس، وهذا ظن فاسد، فالنبي صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، رسولكم الذي ترككم على المحجة البيضاء قال: {من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان}.
فقوله: {من رأى منكم منكراً} عامٌ لكل من رأى المنكر، يجب أن يغيره بيده، بالضرب أو غيره.
فإن لم يستطع فبلسانه، بالكلام والنصح والإرشاد، أو الكلام مع ولاة الأمور إن لم ينفع الكلام مع صاحب المنكر، وكل واحد منا يستطيع أن يتكلم مع المسئولين في منع المنكر، ويجب على المسئولين إذا بلغهم أن يقوموا بما أوجب الله عليهم من الإصلاح، وأن يجتمعوا على ذلك، لينالوا الفوز والفلاح.
أمة الإسلام: إن الواجب علينا جميعاً أن نترك الدعة والسكون، وأن نقوم لله مخلصين له الدين، ونبدأ أولاً: بأنفسنا وأهلينا، وأولادنا، ومن تحت أيدينا، ومن جاورنا، وكذلك الزملاء والأصدقاء، ينبغي علينا جميعاً أن نكون دعاة خير، ندعو إلى الله عزَّ وجلَّ على بصيرة، فتكون الهمة إخراج الناس من ظلمات الجهل والمعاصي إلى نور الحق والهدى.
أيها الناس: إن من المؤسف المروِّع أن نرى مجتمعنا الإسلامي أمة محمد صلى الله عليه وسلم هكذا، شعوباً متفككة متفرقة، مضيعين لأمر الله، لا يغارون لدين الله، ولا يخافون من وباله، لا يتفقد الرجل أهله وولده، ولا ينظر في جيرانه، ولو كان الرجل عنده غيرة ويتفقد أهله؛ ما ترك البعض من الناس زوجته وبناته مع السائق، وكم نكرر هذه العبارة مرات تلو المرات؛ ولكن اللهم أيقظنا من رقدات الغفلة، اللهم أيقظنا من رقدات الغفلة.
اللهم اشف مرض قلوبنا.
عباد الله: إن القلوب مريضة إلا ما رحم الله.
تجد بعض الناس يترك أهله مع السائق الأجنبي، وهو ليس لهن بمحرم، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وترى الرجل من الناس عاقلاً، ذا حزمٍ وجدٍ، ولكن -مع الأسف الشديد- إذا نظرتَ في بيته، وجدت رجالاً ليسوا لأهله بمحارم، هذا طباخ، وهذا سائق، وهذا خادم، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ثم إذا نظرتَ أيضاً، وإذا هذه خادمة عند شبان ليسوا لها بمحرم، فأين الغيرة يا أمة الإسلام، ثم إذا أصبنا بمصيبة عضضنا على البنان، ولم نفكر أننا ارتكبنا ذنوباً، ولم نفكر أننا عصينا الله سبحانه وتعالى.
فمتى نستيقظ يا عباد الله؟! لعل في هذه المواعظ التي تَطْرُقُ آذاننا ليلاً ونهاراً، وتَقُضُّ مضاجعنا، لعلها تكون لنا عبرة، فنحمي محارمنا، ونأمر أولادنا وأهلينا بطاعة الله، فكم من أناس يخرجون من البيوت إلى المساجد وأولادهم لا يصلون معهم في المساجد! فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!
عباد الله: تداركوا الأمر وتوبوا إلى الله، ارجعوا إلى الله، لعلكم تسمعون المواعظ ليلاً ونهاراً، لعلكم تسمعون ما يحيط بكم يميناً وشمالاً، فخذوا حذركم، توبوا إلى الله، ارجعوا إلى الله قبل أن يحل بكم ما حل بالمجاورين، يقول الله تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً} [الإسراء:16] هذا كلام الله.
وأيضاً اسمعوا ماذا يقول الله: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام:44].
اللهم ألهمنا رشدنا، وهيئ لنا الخير، واجمع كلمتنا على الحق، اللهم اجمع كلمتنا على الحق يا رب العالمين.
اللهم وحد صفوف المسلمين، واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين.
اللهم رب محمد النبي عليه أفضل الصلاة والسلام، اغفر لنا ذنوبنا، وأذهب غيظ قلوبنا، وأجرنا من مضلات الفتن، ما ظهر منها وما بطن، اللهم أجرنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يُعز فيه أهل طاعتك، ويُذل فيه أهل معصيتك، ويُؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر، إنك على كل شيء قدير.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم.