أمة الإسلام: لقد انتشرت المعاصي في مجتمع الأمة الإسلامية، وأصبح ما كان منكراً بالأمس معروفاً اليوم، أضاعوا الصلاة، واتبعوا الشهوات، تعاملوا بالربا، ومنعوا الزكاة، وأضاع البعض الحياء، وانتهكوا الحُرمات، وصاروا كالبهائم يطلبون متاع الدنيا وإن أضاعوا الدين، صدوا عن سبيل الله، واتبعوا سبل الكافرين، زُين لهم سوء أعمالهم، فظنوا ذلك تحرراً وتقدماً وتطوراً، وما علموا أن ذلك هو الرق تحت قيود الهوى، والتأخر عن الفضائل إلى الوراء، والتدهور إلى الهاوية والردى.
أيها المسلمون: إن أسباب هذا التدهور يرجع إلى أمرين:
أحدهما: ضعف الدين في النفوس، وقوة الداعي إلى الباطل.
ثانيهما: ضعف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمداهنة في دين الله عزَّ وجلَّ.
يا أمة الإسلام يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم! إن حماية الدين وعزته لا تكون ولا تحصل إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، نعم يا أمة الإسلام! الأمر بما أمر الله به ورسوله، والنهي عمَّا نهى الله عنه ورسوله، وذلك بقصد النصيحة لله، ولعباد الله وبقصد الدعوة والإرشاد.
أيها المسلمون: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة على هذه الأمة الإسلامية التي هي أفضل الأمم وأكرمها على الله؛ إن استقامت على دين الله عزَّ وجلَّ، ومصداق ذلك في كتاب الله الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم، وهو دستور للأمة، حيث يقول وقوله الحق: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران:104] ثم نهاكم فقال: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} [آل عمران:105] ثم توعدهم فقال: (وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [آل عمران:105].
أمة الإسلام: إنكم إن قمتم بهذا الدين كما أمركم الله؛ كنتم خير أمة أخرجت للناس، وإن تركتم ذلك كنتم من شرار الأمم، إنه لا نسب بين الله وبين عباده، ولكن من اتقاه فهو الكريم، وأكرم الناس عند الله أتقاهم له.