يا إخواني في الله: ماذا بقي وقد سمعنا هذه الأخبار من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن كلام العلماء جزاهم الله خيراً؟ وكما قيل: المواعظ للقلوب كالسياط للأبدان.
إخواني في الله: علينا أن نجدد صفحة جديدة، نقلب صفحة جديدة ونتوب إلى الله سبحانه وتعالى، وكما قلت لكم في بداية الكلام: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الأولين والآخرين، وأفضل الأنبياء والمرسلين الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يقول: {والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة} صلى الله عليه وسلم.
فيا أخي في الله: حاسب نفسك ما دمت في زمن الإمكان، هل تكثر من تلاوة القرآن؟
هل أنت تكثر من ذكر الله؟
هل أنت تكثر من الاستغفار؟
هل أنت تبادر إلى أداء الفرائض وتتبع ذلك بالنوافل؟
أبشر أخي في الله! يقول الرب جل جلاله في الحديث القدسي: {وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلىَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه إلخ} رواه البخاري.
أيضاً: أخي في الله إذا حصلت محبة الله جل وعلا فأبشر، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {إن الله إذا أحب عبداً نادى جبريل: يا جبريل! إني أحب فلاناً فأحببه، فيحبه جبريل عليه السلام، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض} والحديث متفق عليه، وفي رواية مسلم: {وإن الله إذا أبغض عبداً دعا جبريل، فقال: يا جبريل! إني أبغض فلاناً فأبغضه} يا رب نسألك العافية، لا حول ولا قوة إلا بالله.
لماذا أحب الله هذا ولماذا أبغض هذا وليس بينهم وبين الله نسب فكلهم عباده خلقهم لعبادته جل وعلا؟! لأن ذلك امتثل أوامر الله وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا عصى الله وعصى رسوله صلى الله عليه وسلم، وأهانه الله {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} [الحج:18] إذا أهانه الله فوالله لو اجتمع أهل السماوات والأرض ما أكرموه.
يقول صلى الله عليه وسلم في رواية مسلم: {وإذا أبغض الله عبداً نادى جبريل: يا جبريل إني أبغض فلاناً فأبغضه؛ فيبغضه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه، فيبغضه أهل السماء، ثم توضع له البغضاء في الأرض}.
أيضاً انتبه إلى هذا الحديث: {كان الرسول صلى الله عليه وسلم واقفاً مع أصحابه فمر بجنازة، فأثنوا عليها خيراً، فقال صلى الله عليه وسلم: وجبت، ومر بالأخرى فأثنوا عليه شراً، قال: وجبت، فقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله! مرت الأولى فقلت: وجبت، ومرت الأخرى فقلت: وجبت، قال: أما الأولى أثنيتم عليها خيراً، فوجبت له الجنة، وأما الأخرى فأثنيتم عليها شراً، فوجبت لها النار، أنتم شهداء الله في أرضه}.
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى، وأن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين، أسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن ينتفع بالذكرى، اللهم لا تفرق جمعنا هذا إلا بذنب مغفور، وسعي مشكور، وعمل صالح مقبول، وتجارة لن تبور، يا عزيز يا غفور.
اللهم إنا نتوسل إليك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى يا ألله أن تحسن ختامنا، اللهم أحسن ختامنا، واجعل آخر كلامنا من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اللهم أحينا مسلمين، وتوفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين.
الله أصلحنا، وأصلح لنا، وأصلح بنا، واجعلنا جميعاً هداة مهتدين، اللهم أصلحنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واشف مرضانا ومرضى المسلمين أجمعين، اللهم عافنا في أبداننا وأسماعنا وأبصارنا، لا إله إلا أنت.
اللهم إنا نعوذ بك من الكفر والفقر ومن عذاب القبر لا إله إلا أنت، اللهم أصلحنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا وقاداتنا وولاة أمور المسلمين أجمعين في مشارق الأرض ومغاربها، وجزاكم الله خيراً، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين.