لما أصبح يوم السبت تعبأ الرسول للقتال وهو في سبعمائة فيهم خمسون فارساً، واستعمل على الرماة وكانوا خمسين عبد الله بن جبير، وأمره وأصحابه أن يلزموا مركزهم وألا يفارقوه ولو رأوا الطير تتخطف العسكر وكانوا خلف الجيش، وأمرهم أن ينضحوا المشركين بالنبل لئلا يأتوا المسلمين من ورائهم، فظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين درعين، يعني: لبس درعاً فوق درع وأعطى اللواء ذلك الشاب مصعب بن عمير رضي الله عنه، وجعل على إحدى المجنبتين الزبير بن العوام وعلى الأخرى المنذر بن عمرو، واستعرض الشباب يومئذٍ -أيهم يريد أن يخرج للمباراة ليشجع على الشوط الأول والشوط الثاني، هل تظنون ذلك يا أهل الإسلام؟ لا والله، استعرض الشباب ليقفوا أمام الأعداء، ليصدوا عن دينهم وعن عقيدتهم.
استعرض الشباب يومئذٍ فرد من استصغره عن القتال، خرجوا لم يبلغوا من العمر الرابعة عشرة وكانوا يبكون لما ردهم عن القتال رضي الله عنهم وأرضاهم، أين نحن من شبابنا أو من بعض شبابنا؟ أين نحن من بعض الشباب الذين لم يهتموا بذلك وإنما اهتموا بأشياء تافهة دسها عليهم أعداء الإسلام وأعداء المسلمين؟
كان من هؤلاء الشباب: عبد الله بن عمر، وأسامة بن زيد، وأسيد بن ظهير، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم وزيد بن ثابت، وغيرهم من الصحابة وأجاز النبي صلى الله عليه وسلم من رآه مطيقاً، وكان منهم: سمرة بن جندب ورافع بن خديج ولهم من العمر خمس عشرة سنة فقيل: أجاز من أجاز لبلوغه بالسن خمس عشرة سنة، ورد من رد لصغره عن سن البلوغ.