الحمد لله الذي أنزل القرآن على عبده ليكون للعالمين نذيراً, والحمد لله الذي جعل القرآن للمؤمنين هدى وشفاءً ورحمة, والحمد لله الذي اختار لنا الإسلام من بين الأديان, والحمد لله الذي جعلنا من خير أمة أخرجت للناس, والحمد لله الذي أرسل إلينا محمداً صلى الله عليه وسلم ليخرجنا به من الظلمات إلى النور, فلك اللهم الحمد دائماً أبداً حمداً كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا رب للوجود سواه, هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم, خلق فسوى، وقدر فهدى, وهو الفعال لما يريد, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق, فبلغ رسالة ربه، ونصح الأمة، وتركها على البيضاء, وقال صلى الله عليه وسلم: {تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي} اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين وسلم تسليماً.
أما بعد:
فيا أيها الناس! اتقوا الله عز وجل, وتدبروا القرآن فإن فيه الهدى والنور, قال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة:15 - 16].
فيا أمة الإسلام! ويا أمة القرآن! ويا أتباع محمد صلى الله عليه وسلم! ويا خير أمة أخرجت للناس! عليكم بقراءة القرآن الكريم واستماعه, وتدبر معانيه, والتفكر فيه، عليكم باتباع أوامره, واجتناب نواهيه, عليكم بتعلم القرآن {خيركم من تعلم القرآن وعلمه} هكذا يخبركم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عليكم بتعلم تفسيره ومعرفة أحكامه, والعمل به لتفوزوا بسعادة الدنيا والآخرة قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء:192 - 195].
أنزله الله تعالى ليكون دستوراً للأمة الإسلامية, وهداية للخلق, وليكون آية على صدق رسوله محمد صلى الله عليه وسلم, وبرهاناً ساطعاً على نبوته صلى الله عليه وسلم, وحجة قاطعة قائمة إلى يوم الدين.
أنزله الله ليعمل به المسلم, فيحل حلاله ويحرم حرامه, ويعمل بمحكمه ويؤمن بمتشابهه, ويتلوه حق تلاوته, فيكون حجة له عند ربه وشفيعاً له يوم القيامة, يقول الناصح الأمين محمد صلى الله عليه وسلم: {القرآن حجة لك أو عليك} رواه مسلم.
وقد تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه ألا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة, قال سبحانه: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى} [طه:123] فنعوذ بالله من الإعراض عن كتاب الله.
عباد الله! انفضوا الغبار عن كتاب الله, ارجعوا إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وصلوا على من أرسله الله رحمة للعالمين, صلوا على رسول الله امتثالاً لأمر الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56] ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلى علي صلاة صلّى الله عليه بها عشراً} اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد, وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي , وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين, وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين, وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.
اللهم إنا عبيدك بنو عبيدك بنو إمائك, نواصينا بيدك, ماضٍ فينا حكمك, عدلٌ فينا قضاؤك, نسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك, أو أنزلته في كتابتك, أو علمته أحداً من خلقك, أو استأثرت به في علم الغيب عندك, أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا, ونور صدورنا, وجلاء أحزاننا, وذهاب همومنا وغمومنا, اللهم اجعله حجة لنا, اللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك يا رب العالمين.
اللهم أعزنا بالإسلام, واجعل مآلنا إلى جنات النعيم يا رب العالمين, اللهم أصلحنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا, واجعلنا وإياهم هداة مهتدين, اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه, واجعل كيده في نحره, واجعل تدبيره تدميراً له يا سميع الدعاء, اللهم دمِّر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين, اللهم اشدد وطأتك عليهم, اللهم ارفع عنهم يدك وعافيتك, اللهم مزّقهم كل ممزق يا رب العالمين.
اللهم آمنا في دورنا, وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا, اللهم آمنا في أوطاننا, ولا تسلط علينا أعداءنا, ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار, اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا واللواط والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن, عنا وعن جميع المسلمين عامة يا رب العالمين.
اللهم اغفر لنا في هذه الساعة أجمعين, اللهم اهد ضال المسلمين, اللهم أصلح شباب المسلمين, اللهم رد شاردهم, وثبت مهتديهم يا رب العالمين.
عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، وصلوا وسلموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.