إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد, وهو على كل شيء قدير, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين, وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها المسلمون: اتقوا الله حق تقاته.
عباد الله: لقد تحدث النبي صلى الله عليه وسلم عن الشرك وعقوق الوالدين وهو متكئ ولم يجلس؛ لأن الداعي إلى الشرك والعقوق ضعيف في النفوس, ومخالف للفطرة، لكنه صلى الله عليه وسلم جلس حينما تحدث عن شهادة الزور؛ لأن الداعي إليها قوي وكبير، فالقرابة والصداقة والغنى والفقر كلها قد تحمل ضعيف العقل والدين على أن يشهد بالزور, لكن المؤمن العاقل الذي يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم يحذر من شهادة الزور هذا التحذير البليغ لا يمكنه أن يقدم على شهادة الزور مهما كانت الأسباب والدواعي.
أيها المسلمون: إن شهادة الزور مشكلة في الدين والدنيا، وللفرد والمجتمع، إنها معصية لله ولرسوله، إنها كذب وبهتان, وأكل للمال بالباطل, فالمشهود له يأكل ما لا يستحق, والشاهد يقدم له ما لا حق له فيه, إن شهادة الزور سبب لانتهاك الأعراض، وإزهاق النفوس، فإن الشاهد بالزور إذا شهد مرة هانت عليه الشهادة ثانية, وإذا شهد بالصغير هانت عليه الشهادة بالكبير, لأن النفوس بمقتضى الفطرة تنفر عن المعصية وتهابها, فإذا وقعت فيها هانت عليها وتدرجت من الأصغر إلى ما فوقه.
أيها المسلمون: إن شهادة الزور ضياع للحقوق, وإسقاط للعدالة, وزعزعة للثقة والأمانة, وإرباك للأحكام، وتشويش على المسئولين والحكام, فهي فساد للدين والدنيا والآخرة، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ما فيه زاجر عن ذلك أنه قال: {لن تزول قدم شاهد الزور حتى يوجب الله له النار} اللهم إنا نعوذ بك من النار.
عباد الله: إن أصدق الحديث كلام الله, وخير الهدي هدي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم, وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة.
وأكثروا من الصلاة والسلام على رسول الله امتثالاً للمولى جل وعلا حيث قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56] ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلى عليَّ صلاة صلىَّ الله عليه بها عشراً} اللهم صلِ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد الناصح الأمين, وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي , وعن سائر أصحابه أجمعين, وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم إنا نسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين عزاً عاجلاً غير آجل، اللهم يا حنان يا منان يا بديع السماوات والأرض, يا ذا الجلال والإكرام, أذل الشرك والمشركين, اللهم دمّر صرح الشرك والمشركين ,اللهم دمّر الشرك والمشركين عن بلاد المسلمين أجمعين يا رب العالمين.
اللهم ودمّر أعداء الإسلام والمسلمين، اللهم دمّر من به عداوة للإسلام والمسلمين، وانصر من به نصر للإسلام والمسلمين يا رب العالمين، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعلنا وإياهم هداة مهتدين يا رب العالمين.
اللهم أصلح أولادنا ونساءنا واجعلهم قرة أعين لنا يا أكرم الأكرمين، اللهم أقم علم الجهاد، واقمع أهل الزيغ والشر والفساد والعناد، يا رب العالمين.
اللهم انشر رحمتك على العباد, يا من له الدنيا والآخرة وإليه المآب، اللهم إنا نستغيثك لا إله إلا أنت مفرج الكربات ومحيل الشدائد والبليات, لا إله إلا أنت يا سامع الصوت! ويا سابق الفوت ويا كاسي العظام لحماً بعد الموت! يا حي يا قيوم! يا من بيده مقاليد السماوات والأرض! يا من إذا أراد شيئاً قال له كن فيكون! اللهم أغثنا, اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً سحاً غدقاً نافعاً غير ضار, اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا بلاء ولا غرق.
اللهم إنّا خلق من خلقك، فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف:23] {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:201].
وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد.
عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون, وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم، ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها, واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.