فضيلة الشيخ عبد الله، لا شك أن المزايا كثيرة بسماحة فقيد الأمة الإسلامية لكنكم وقد عملتم معه في مجال البحث والفتيا على وجه الخصوص، لعلكم تحدثونا عن منهجه رحمه الله في هذا الباب وكيف برز وبرع فيه؟ الشيخ: في الواقع أولاً إنني أرى أن سماحته قدوة الأرض، ولكنها قدوة عزيزة المنافع، فهو رحمه الله يمكن أن يقول أي عالم من العلماء: لعلي أحظى بالاقتداء بسماحته وأكون مثله، ولكن أنى ذلك، فهو رحمه الله عالم من علماء الحديث فهو حجة فيه، وعالم من علماء الفقه فهو يقول ما يفهم به، وما يقوله في الفقه على بصيرة من الأمر وبدليل لا يتطرق إليه شك، هو رحمه الله كريمٌ لنفسه كرماً لا يمكن إلا أن يعظم الله سبحانه وتعالى على هذه الهبة العظيمة التي وهبها لهذا العالم الجليل، ولهذا التقي الولي الكريم رحمة الله عليه.
كريم في ماله؛ فقد حدثني بعض المسئولين عن شئون بيته الخاصة، بأنه ينفق ما لا يقل عن ألفين وخمسمائة ريال يومياً هذا في الأمور العادية، فمن يكون بمثله عليه رحمة الله، كريم في تواضعه فهو رحمه الله يذكر بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما كان يستمع إلى المرأة {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} [المجادلة:1] فكان صلى الله عليه وسلم يستمع إليها بروح كلها تواضع وكلها أمل فيما يعطيه من كلام، فكان شيخنا رحمة الله عليه مثلاً أو هو في الواقع مقتدٍ الاقتداء الكامل برسول الله صلى الله عليه وسلم، كان مجلسه رحمه الله مجلس تُقى وعلم وصلاة، من حين يبدأ المجلس سواء كان مجلساً من مجالسه الخاصة في بيته، أو كان مجلساً من المجالس التي يُدعى إليها من إخوانه ومن أبنائه، فهو في الواقع بمجرد أن يصل أولاً يبدأ بمن يقرأ من كتاب الله، ثم بعد ذلك يشرح ما يتيسر، ثم بعد ذلك تنهال عليه المسألة، فكل مجلس من مجالسه يعتبر منتدىً علمياً، هذا في الواقع يعتبر قدوة عظيمة وقدوة أستطيع أن أؤكد أنه قدوة صعبة المنال.
وكان رحمه الله فيما يتعلق بتعاملنا أو تعلمنا منه رحمة الله عليه في مجالسنا العملية معه، كان يعطي من التأصيل والتقعيد الفقهي لأي مسألة من المسائل ما يمكن أن نصل إلى المطلوب فيها، وهو رضي الله عنه وأرضاه ورحمه الله رحمة واسعة حينما يعطي هذه التوجيهات لنصل إلى نتيجة هي محل اعتبار، وهذا ما نلاحظه في مجلس هيئة كبار العلماء وفي اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء وفي مجالستنا معه رحمه الله، وفي نفس الأمر ليس متعصباً لرأيه إذا رأى أن رأيه فيه احتمال وأن الرأي الآخر هو الرأي الراجح، فهو في الواقع يترك رأيه ويرجع إلى الرأي الراجح، ويقول بعد ذلك: اللهم اهدنا فيمن هديت، فدائماً يكرر هذه العبارة رحمه الله رحمة واسعة، فالواقع أن الحديث عن سماحته لا ينقضي، ولا يمكن أن تنهيه جلسة أو جلستان من هذه الجلسات.