فالواجب على أهل الإسلام رجالهم ونسائهم التفقه في الدين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيراً يفقه في الدين) متفق على صحته.
فالواجب التفقه في الدين، والتعلم والتبصر، والسؤال عما أشكل، والعناية بالقرآن الكريم، فهو أصل الدين وأصل الخير العناية بالقرآن والإكثار من تلاوته، والتدبر والتعقل، فهو الهادي إلى كل خير، وهذا في حق الرجال والنساء، أوصي الجميع بالعناية بالقرآن والإكثار من تلاوته، والتدبر لمعانيه، كما قال الله سبحانه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء:9] {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ} [فصلت:44] {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص:29] {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأنعام:155] .
أيها الإخوة والأخوات في الله: على الجميع العناية بهذا الكتاب العظيم، تلاوةً وتدبراً وتعقلاً، وإنصاتاً لتاليه، حتى تستفيد، وحتى تعلم مراد ربك من هذه الأوامر والنواهي، فتعمل بأوامر الله، وتنتهي عن نواهي الله، وتقف عند حدود الله، ترجو ثوابه وتخشى عقابه، وهكذا السنة، سنة الرسول صلى الله عليه وسلم هي الوحي الثاني، وهي الأصل الثاني، وهي مفسرة لكتاب الله، ومبينة لأحكامه، فأوصي الجميع بالعناية بالسنة، بحفظ ما تيسر منها، وسؤال أهل العلم عما أشكل {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء:7] ، يحفظ ما تيسر من الأحاديث عمدة الأحكام وبلوغ المرام كتابان عظيمان نافعان، وهكذا ما تيسر مثل: الأربعين النووية، وتتمته للحافظ ابن رجب، فهي أحاديث مهمة من جوامع الكلم يحفظها ويستفيد منها، ويحفظ كتاب التوحيد وما فيه من الأحاديث، ويحفظ الثلاثة أصول، والعقيدة الواسطية، وكشف الشبهات للشيخ محمد رحمه الله، هذه الكتب وما أشبهها فيها الخير العظيم، وفوائد جمة في العقيدة وفي الحديث الشريف، وفيما يتعلق بكتاب الله عز وجل، كل هذه أسباب للعلم والفقه في الدين، ومن أسباب التعاون على البر والتقوى، والدعوة إلى الله على بصيرة.
أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يمنحنا وإياكم الفقه في الدين، وأن يثبتنا وإياكم عليه، وأن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح، وأن يعيذنا وإياكم من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، كما أسأله سبحانه أن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعاً، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته، وأن يوفق ولاة أمرنا لكل ما فيه رضاه وصلاح عباده، وأن يعينهم على كل خير، وأن يصلح لهم البطانة، وأن يوفق خادم الحرمين الشريفين لكل ما فيه صلاح الأمة ونجاتها وسعادتها في الدنيا والآخرة، كما أسأله سبحانه أن يوفق جميع ولاة المسلمين في كل مكان، نسأل الله أن يوفقهم لتحكيم شريعته، والتحاكم إليها، وإلزام الشعوب بها، والثبات عليها حتى الموت، كما أسأله سبحانه وتعالى أن يصلح جميع المسلمين في كل مكان، وأن يعينهم على كل خير، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يكثر بينهم دعاة الهدى، إنه جل وعلا سميع قريب، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.