الحمد لله يسَّر للمؤمنين سبل طاعته، وأعان على ذكره وشكره وحسن عبادته، أحمده سبحانه وأشكره، وأسأله المزيد من فضله وكرمه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، اجتباه من رسله، واصطفاه لرسالته، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وذريته، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسار على نهجه وطريقته.
أما بعد:
عباد الله: اتقوا الله، فتقوى الله جماع الخير، ومعادن البركات.
أيها المسلمون: ومن دروس هذه الغزوة في التوحيد وتحقيقه: أن حدثاء العهد بالإسلام ممن سار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة مروا بشجرة يُعَلِّق عليها الكفار أسلحتهم، يعتقدون بركتها ونفعها، يقال لها: (ذات أنواط) فقالوا يا رسول الله: {اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم متعجباً، ومنكراً، وموجهاً، ثم قال: قلتم والذي نفسي بيده! كما قال قوم موسى لموسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف:138] لتركبن سَنَن مَن كان قبلكم}.
أيها الإخوة: إن طريق الحق، وطريق العزة، أن يرجع الناس إلى دينهم، ويستقيموا على عقيدة التوحيد، فالغاية أن يُعبد الله وحده لا شريك له، عقيدة يستقيمون عليها، ويدعون إليها، ليس من خلال قنوات فكرية ضيقة، ولا من مذهبية محدودة، ولا حزبية منغلقة، وإنما من خلال سعة دين الله، ونهج السلف الصالح، سعة ورحابة لا تتملك العواطف؛ ولكنها تتألف القلوب، لا تترك الحق، وإنما تقوِّم العقول، إنها دعوة وجهاد، وصبر ومصابرة، وإصرار ومثابرة، من غير تنكر للمفيد من الحضارة، أي حضارة في القديم أو الجديد، ولكن الإسلام لا ينتصر بأدوات غيره، والمسلمون لا عليهم أن يأخذوا بأسباب القوة، يعدوها ويستعدون بها، غيره أنه لا صلاح ولا إصلاح إلا بما صلَح به أولها.
هذا وصلوا وسلموا على رسولكم ونبيكم فقد أمركم بذلك ربكم، فقال: عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56].
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأزواجه وذريته.
وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، والتابعين ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحمِ حوزة الدين، واجعل اللهم هذه البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وعبادك الصالحين.
اللهم أيد بالحق إمامنا وولي أمرنا، ووفقه لما تحب وترضى، اللهم ارزقه البطانة الصالحة التي تدله على الخير، وتعينه عليه، اللهم أيده بالحق، وأيد الحق به، واجعله نصرة للإسلام والمسلمين، واجمع به كلمة المسلمين يا رب العالمين.
اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك، وبسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، واجعلهم رحمة لرعاياهم، واجمعهم على الحق يا رب العالمين!
اللهم وأبرم لأمة الإسلام أمر رُشْد يُعَزُّ فيه أهل طاعتك، ويُذَلُّ فيه أهل معصيتك ويُؤْمَر فيه بالمعروف، ويُنْهَى فيه عن المنكر إنك على كل شيء قدير.
اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والربا والزنا، والزلازل والمحن وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا وعن سائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات.
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.