إن الحمد لله؛ نحمده ونستغفره ونستهديه، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونثني عليه الخير كله، أشكره ولا أكفره، وأسأله المزيد من فضله وكرمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله بعثه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيداً، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة ورفع أركان الملة، ودل على التوحيد ومعالمه، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أصحابه أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فبتحية الإسلام أحييكم أيها الإخوة: فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
ثم أشكر مكتب الدعوة بشمال الرياض لدعوته وإتاحة الفرصة للقاء بكم في هذا المحل الطاهر المبارك، وهذا البيت من بيوت الله عز وجل، وفي سلسلة الدروس التي عقدوها بمناسبة موسم الحج حيث إن اليوم هو الثامن والعشرون من الشهر الحادي عشر من سنة سبعة عشرة وأربعمائة وألف من هجرة نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
والموضوع الذي اختاره الإخوة المنظمون لهذه الدروس هو: (توحيد العبادة وعظم شأنه).
وأخي فضيلة الشيخ ابن محسن قال عنه: إنه يحسبه مهماً بل إنه أهم المهمات، وكما أشار فضيلته أنه هو الغاية التي خلق الله لها الجن والإنس على حد قوله سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56] أي: ليوحدون، ومن هنا فإن الحديث فيه يجب أن يكون متوافراً وألا يغفل الناس عنه؛ وسوف نرى -إن شاء الله- في ثنايا عناصر هذا الموضوع أن الغفلة عنه ولو للحظاتٍ يسيرة في حساب الزمن؛ فإنها تؤدي مباشرة إلى انحراف الأمة.
ويكفي إشارة إلى ذلك في أهمية الموضوع أن خليل الله إبراهيم عليه السلام وهو إمام الحنفاء والذي أمر نبينا محمدٌ صلى الله عليه وسلم باتباعه: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً} [النحل:123] وهو إمام الموحدين، هو الذي قال فيما أخبر الله عز وجل عنه: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ} [إبراهيم:35 - 36].
وتأكدوا يا إخواني أن هذا الإضلال -نسأل الله السلامة ونسأله ألا يزيغ قلوبنا- في كل زمان ومكان، والحديث سوف يكون منتظم العناصر، ولعلي أستطيع أن آتي عليها كلها وإن كان بعضها يدل على بعض وبعضها يفيد بعض؛ لأن الحقيقة أن كل حديثٍ عن الدين فهو عن التوحيد إما عن حقيقته أو غايته أو مآله، أو كماله، أو عن ضده، وسوف نرى ذلك جلياً، ولهذا فإن العناصر التي تتضمنها هذه الكلمة هي:
الأول: تعريف وإثبات.
والثاني: التوحيد في القرآن والسنة، وحينما نقول السنة سوف نشير إلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في مكيها ومدنيها.
الثالث: التوحيد وأركان الإسلام.
الرابع: التوحيد والحج، (بمناسبة الدروس المعقودة).
الخامس: المتابعة، يعني: متابعة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي تمثل جانباً كبيراً جداً في تحقيق التوحيد، ونعني به الاتباع الذي هو مضادٌ للابتداع.
سادساً: الخوف من الشرك.
سابعاً: صور جديدة من الخلل في العقيدة.
ثامناً: طريقة تعليم التوحيد.