أيها الإخوة: الأمر خطير فبعض الناس قد لا يفوته علم أو عبادة، ولكن يفوته التوفيق والصواب، استقامة في اقتصاد، وعمل بعد علم، وإخلاص في القلب، ومتابعة للسنة، اقتصاد يعصم عن بدعة التفريط والإضاعة، ويحفظ من حد الغلو والإسراف والمجاوزة، ونظراً لعظم الأمر ودقته فقد وجهكم نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم بقوله: {استقيموا ولن تحصوا} وبقوله: {سددوا وقاربوا} وقبل ذلك: أمركم ربكم عز وجل بقوله: {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ} [فصلت:6].
فالمطلوب الاستقامة وهي السداد والإصابة، فإن لم يقدر فليجتهد في المقاربة وليستغفر الله، فإن نزل عن ذلك فالخوف عليه من التفريط والإضاعة، استغفار مقارن لمسيرة الاستقامة وجبر للنقص البشري، وتسديد للقصور الإنساني، استغفار وتوبة تعيدان إلى جادة الاستقامة، وتردان إلى مسلك الحق والعدل: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [هود:114 - 115].
{وأتبع السيئة الحسنة تمحها} استقامة مقرونة باستغفار، مما يعني يقظةً دائمة، ومحاسبة صادقة، وضبطاً للانفعالات البشرية.