وإن من أعظم ما يتقرب به من الله عز وجل في هذه الأيام الأضاحي، فهي سنة الخليلين إبراهيم ومحمد عليهم الصلاة والسلام، جاء في الحديث عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {ما عمل ابن آدم يوم النحر من عملٍ أحب إلى الله من إراقة دم، وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطيبوا بها نفساً}.
ولتعلموا -وفقني الله وإياكم لصالح العمل- أن وقت الذبح يبدأ من بعد صلاة العيد إلى غروب الشمس في آخر أيام التشريق، ولا يجزئ في الأضاحي المريضة البيَّن مرضها، ولا العوراء البين عورها، ولا العرجاء التي لا تطيق المشي مع الصحيحة، ولا الهزيلة التي لا مخ فيها، ولا الهتماء التي ذهبت ثناياها من أصلها، ولا العضباء التي ذهب قرنها أو قطعت أذنها، ولا الجدباء التي نشف ضرعها ويبس من الكبر.
ولا يجزئ من الإبل إلا ما تم له خمس سنين، ومن البقر ما تم له سنتان، ومن المعز ما تم له سنة، ومن الضأن ما تم له ستة أشهر، وتجزئ البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة، والشاة تجزئ عن الرجل وأهل بيته، ولا يبيع منها شيئاً، ولا يعطي الجزار أجرته منها.
فاتقوا الله عباد الله! وانبذوا عن أنفسكم الشح والبخل، وأنفقوا من مال الله الذي آتاكم، وأكثروا من ذكر الله، وصلوا الأرحام، وبروا بوالديكم، وأكرموا اليتامى والمساكين، وتصافحوا وتناصحوا وتسامحوا، وأزيلوا الغل والشحناء من قلوبكم، وتزاوروا وتهادوا، واحذروا الكبر والغيبة والنميمة، وكونوا عباد الله إخواناً.
ثم صلوا وسلموا على المبعوث رحمةً للعالمين؛ فقد أمركم بذلك ربكم، فقال عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56].
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أصحابه أجمعين، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك يا أكرم الأكرمين!
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحم حوزة الدين، ودمر اليهود ومن شايعهم وسائر الكفرة والملحدين، اللهم جنبنا الفتن والقلاقل والمحن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة، وعن سائر بلاد المسلمين، اللهم من أرادنا وأراد المسلمين بسوء فاشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميره.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيدهم بالحق، وأيد الحق بهم، واجعلهم هداةً مهتدين.
اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم اجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين! اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
اللهم وفق حجاج بيتك لحجٍ مبرور، وسعيٍ مشكور، وذنبٍ مغفور، واكتب لهم الصحة والسلامة ولسائر المسلمين في برك وبحرك أجمعين.
اللهم انصر المجاهدين الذين يجاهدون في سبيلك؛ لإعلاء كلمتك، وإعزاز دينك، اللهم كن لهم ولا تكن عليهم، اللهم أيدهم بتأييدك، وانصرهم بنصرك، واجعل الدائرة على أعدائهم يا قوي يا عزيز!
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.