المقدم: هل لكم كلمة توجهونها في ختام لقائنا هذا؟ الشيخ: من المعلوم أن الله جل وعلا قال في كتابه العزيز: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الكهف:28].
من أحسن ما قيل في تفسير هذه الآية: أن هؤلاء القوم يسألون الله جل وعلا في صباحهم التوفيق, ويسألونه جل وعلا في مسائهم الاستغفار عما كان منهم.
ونسأل الله جل وعلا أن يجعل خروجنا من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدومنا إلى هذا المكان مما يراد به وجهه تبارك وتعالى والذب عن نبيه صلوات الله وسلامه عليه.
وكل من شارك أو شاهد أو لم يقدر له أن يشاهد لكنه علم بما يقع لنبي الأمة صلى الله عليه وسلم أو وقع في حقه, فأصابه ما أصابه من الغيظ والكمد، نصرة لنبيه صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك من أعظم دلائل التوفيق التي يعطيها الله جل وعلا عباده.
فإن محبته صلى الله عليه وسلم دين وملة وقربة يتقرب بها إلى الله تبارك وتعالى؛ لأن العبد أينما غدا أو راح مكلف، ومما كلفه الله جل وعلا به محبة ونصرة هذا النبي صلوات الله وسلامه عليه, وهو ما حررناه في أول الأمر.
وأستثمر ما قاله الإخوة الفضلاء المشايخ في قضية أن يكون شأننا دائماً العمل بسنته وهديه صلوات الله وسلامه عليه.
كان ثابت البناني إذا لقي أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل يده, ويقول: يد مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويقول جابر بن سمرة رضي الله عنه وأرضاه: خرجت في ليلة أضحيان -أي: ليلة القمر فيها مكتمل- فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم عليه حلة حمراء, فجعلت أنظر إلى القمر وأنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فهو عندي أبهى من القمر ووقف الصديق رضي الله عنه وأرضاه بعد عام من وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث ثم غلبته العبرة, فقطع حديثه ثلاث مرات، لا يستطيع أن يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال كذا وكذا.
وهذه نماذج من محبة أولئك الأخيار لنبيهم صلى الله عليه وسلم.
خاتمة الوصايا أن نقول: إن الله قال وهو أصدق القائلين: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ} [التوبة:100].
فلا نحن من السابقين الأولين من المهاجرين, ولا نحن من السابقين الأولين من الأنصار, فما بقي أيها الأخ والأخت الكريمة إلا طريق واحد قاله الله: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} [التوبة:100].
فإن أعظم ما يمكن أن نستثمر فيه ما بقي من أعمارنا أن نكون متبعين لسنة محمد صلوات الله وسلامه عليه.
نعمل بشرعه، ونحبه صلى الله عليه وسلم أعظم الحب في قلوبنا، ونقتفي أثره, ونتبع سنته وفق منهج تطبيقي حقيقي، نريد به وجه الله والدار الآخرة.
فنفعل الفعل لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله, ونترك ما نترك لأن النبي صلى الله عليه وسلم تركه.
دخل عليه الصلاة والسلام ذات مرة من المسجد فرأى ازدحاماً من النساء, فقال: (لو تركنا هذا الباب للنساء) فسمعه عبد الله بن عمر وهو يومئذ قد ناهز العشرين من عمره, فعمر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بعد ذلك ستين عاماً في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدخل من ذلك الباب قط، إجلالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لو تركنا هذا الباب للنساء.
والمطلوب استثمار هذه الواقعة في أن نزداد حباً قلبياً لنبينا صلى الله عليه وسلم, ونعمل بسنته الطاهرة صلوات الله وسلامه عليه.