ثم بين الله أنه أقام الحجة على عباده، والحجة أقيمت بإرسال الرسل وإنزال الكتب، والأمة المحمدية ما أقيمت عليها حجة أعظم من بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، ومن هذا القرآن الذي بين أيدينا، قال الله جل وعلا: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ} [الأعراف:52 - 53] وتأويله في الآية ليست بمعنى تفسيره، وإنما تأويله أي: يقع ما أخبر الله عنه من وعد ووعيد، وما كان يوماً ما في طيات الغيب يراه الناس عياناً.
قال الله جل وعلا: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} [الأعراف:53]، أي: يقع ما أخبر الله عنه، وهذا لا يكون بكماله وتمامه إلا في عرصات يوم القيامة، قال جل وعلا: {يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [الأعراف:53].