وآخر أولئك المباركون سالم مولى أبي حذيفة، وسالم من المهاجرين الأولين، وكان يصلي بالناس في المدينة قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كان من أحفظ الصحابة للقرآن، ومات رضي الله عنه وأرضاه شهيداً في اليمامة وقد قطعت يداه، فتلا قول الله جل وعلا: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عمران:144]، وقول الله تبارك وتعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران:146]، ثم قال: ما فعل أبو حذيفة وما فعل فلان وسمى رجلاً آخر؟ قيل له: استشهد! قال رضي الله عنه وأرضاه: فادفنوني بينهما، فدفن بين صحابيين رضي الله عنه وأرضاه.
هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال صلوات الله وسلامه عليه: (المهدي مني يوافق اسمه اسمي، يحكم سبع سنين، يملأ الأرض عدلاً كما ملأت جوراً)، فـ المهدي أحد الرجال المنتظرون تاريخياً، وقد أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عنه: (أقنى الأنف، أجنى الجبهة)، وأجنى الجبهة أي أن شعر الرأس منحسر عن اليمين وعن الشمال، وهذا الرجل يكون في آخر الزمان، واسمه محمد بن عبد الله الحسني عند أهل السنة، وهو من ذرية الحسن بن علي رضي الله عنه وأرضاه، وهو يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، ويكتب له الإمامة، فيبايع ما بين الركن والمقام.