بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي خلق آدم من طين، وأسجد له ملائكته المقربين.
وأشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله على حين فترة من الرسل ودروس من الكتب، هدى به من الضلالة، وعلم به من الجهالة، أغنى به من العيلة، وكثر به من القلة، اللهم صل وسلم وبارك وأنعم عليه وعلى آله وأصحابه، اللهم وعلى من اقتفى أثرهم واتبع نهجهم وسلك مسلكهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذا أحد دروس التفسير تحت العنوان الأكمل والشامل: وقفات قرآنية.
وفي هذا اليوم معنا وقفات مع سورة ص: وقد صدر الله جل وعلا هذه السورة الكريمة بحرف هو (ص)، وهي لها مثيلات في القرآن صدرنَّ وكانت فواتح تلك السور حروف متقطعة، ولعله كما هو معلوم أظهر ما قيل في هذه الحروف: أن مرد علمها إلى الله جل وعلا، والتوقف في بيانها لعله أبرأ وأكمل وأفضل.
والعرب لها ثمانية وعشرون حرفاً وقد رتبت أحياناً كما تدرس اليوم: ألف، باء، تاء إلى آخره، ورتبت قديماً على قاعدة قولهم: أبجد، هوز إلى آخره، ورتبها الخليل بن أحمد الفراهيدي بحسب مخارجها من الحلق فبدأ بالعين، وسمى معجمه معجم العين، وأياً كان ذلك الترتيب فإن من هذه الحروف تكون لغة العرب التي نزل الله جل وعلا بها القرآن على قلب محمد صلى الله عليه وسلم.
قال الله جل ذكره: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء:195]، وقال جل ذكره: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل:103].