كيف يعرف الإنسان أن قلبه لين؟ يعرفه بطريقين: الأمر الأول: إجلال العبد لله جل وعلا.
والأمر الثاني: متابعة سنة محمد صلى الله عليه وسلم.
كان ابن عمر رضي الله عنهما له غلمان، فكان إذا رأى من أحد غلمانه التفافاً على الصلاة وانصرافاً إليها أعتقه حتى لا يحول بينه وبين العبادة، فكان باقي الغلمان يصلون أمامه وقريباً منه أملاً في أن يعتقهم رضي الله عنه وأرضاه فكان يعتقهم، فجاءه بعض خواص أهله وقالوا له: يا ابن عمر، إنهم يخدعونك وإنهم يصلون لتعتقهم! فقال رضي الله عنه وأرضاه: من خدعنا بالله انخدعنا له! فإجلاله لله جل وعلا يجعله يقبل خدعة هؤلاء الغلمان؛ لأن هؤلاء الغلمان جعلوا من تعظيم ابن عمر لله تبارك وتعالى وسيلة لنيل مآربهم، وتلك منزلة عالية، أين نحن منها؟ وأما اتباع سنة محمد صلى الله عليه وسلم، فإن القلوب اللينة التي فطرت على الطاعة لا يمكن أن تكون أعظم رقة وأقوم سبيلاً من قلب محمد صلى الله عليه وسلم، ولن تنال تلك المنزلة إلا باتباعها لسنته صلى الله عليه وسلم وعكوفها حول شريعته عليه الصلاة والسلام.
وقد يرى الإنسان بعض السنن أمراً يسيراً فلا يريد أن يصنعها، ظنا منه أنه يرقى إلى الأعلى.
وليس الأعلى ما يوافق هواه، وإنما الأعلى ما وافق هدي محمد صلى الله عليه وسلم، أعني أنه ربما يجد المسافر أحياناً حرجاً أن يقصر الصلاة في السفر طمعاً في الكمال وهو أن يصليها أربعاً، فنقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم ما أتم الصلاة في سفر قط! فالسنة والخير والهدى والسهولة واللين في اتباع هديه صلى الله عليه وسلم، فإذا أجلّ العبد ربه تبارك وتعالى واتبع سنة محمد صلى الله عليه وسلم، وغذّى قلبه بالذكر وتأمله بالفكر وألهمه الله عز وجل اليقين وحسن الطاعة، وجعل قلبه منزلة لمحبة الله ومعرفته فتلك أعظم المنازل وأعلى المراتب بلا شك، جعلنا الله وإياكم من أهلها.
اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت، الواحد الأحد، الفرد الصمد، الحي القيوم، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، أن تصلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وأن تبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
اللهم إنك خلقت جنة عدن بيدك، فأدخلنا اللهم الجنة برحمتك، اللهم إنك خلقت النار بأمرك فأجرنا اللهم من النار بقدرتك، اللهم إن السماء سماؤك والأرض أرضك وما بينهما لك وحدك وملكك لا ينازعك فيها أحد، فاللهم فك أسر إخواننا المسجونين المأسورين في كوبا يا رب العالمين، اللهم نجهم بقدرتك ورحمتك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اجعل لهم منجى ومخرجاً إنك أنت العزيز الرحيم.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله.