ثم بعد ذلك وفي حرب المهدي مع الدجال ينزل عيسى ابن مريم صلوات الله وسلامه عليه، فهي أشراط متتابعة يتبع بعضها بعضاً كالسبحة إذا انفرطت، فينزل عيسى ابن مريم واضعاً يديه على أجنحتي ملك، وقد قال عز وجل في كتابه: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء:157 - 158].
وذكره الله في الزخرف قائلاً: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف:57]، ثم قال سبحانه: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} [الزخرف:61] أي: علامة وأمارة من أمارات الساعة.
وقال جل وعلا عن أهل الكتاب: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء:159]، فينزل صلوات وسلامه عليه كأن في وجهه بللاً، وإن لم يترشح بالماء، فينزل فما أن يراه عدو الله الدجال حتى يذوب كما يذوب الملح في الماء، لكن عيسى يريد أن يطمئن المؤمنين أن هذا عبد خاسئ لا يملك من صفات الألوهية شيء، فيقتل عيسى الدجال بحربة كانت في يده؛ ليري المسلمون دمه ويطمئنوا على أن عدو الله قد هلك، فيمكث عيسى والمؤمنون الذين معه ما شاء الله جل وعلا لهم أن يمكثوا.