الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تقدست عن الأشباه ذاته، دلت على وجوده آياته ومخلوقاته، خلق خلقه أطواراً، وصرفهم كيفما شاء عزةً واقتداراً، سبق الأشياء علمه، ونفذت فيها مشيئته، وغلبت عليها حكمته، يقدم من يشاء بفضله، ويؤخر من يشاء بعدله، ولا يسأله مخلوق عن علة فعله، كما لا يعترض عليه ذو عقل بعقله.
وأشهد أن معالم الحق ومسالك الهدى وطرائق المجد جعلها الله وفق هدي نبينا الأمين الصادق الوعد، المولود في مكة والمسترضع في بني سعد، صلى الله وسلم عليه صلاةً وسلاماً دائمين ما اتصلت أذن بخبر وعين بنظر، وما أظل الناس برق ورعد.
أما بعد: عباد الله! فإن قول ربنا جل وعلا: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} [الرحمن:46 - 48]، إنما هو بيان لما أعده الله جل وعلا لأوليائه الصالحين ممن خاف مقامه، وسلك طريقه من جنات النعيم.
الجنة أيها المؤمنون! نعيم لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع، جعلها الله جل وعلا داراً لأهل طاعته، ومسكناً لأهل رحمته، نسأل الله في هذه الليلة المباركة الكريمة أن يجعلنا وإياكم من أهلها.