ينبغي على المؤمن في غدوه ورواحه أن يكثر من الصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يستحضر أنه عليه الصلاة والسلام قد وفى وأدى ما عليه، وأن ينظر في أفعاله أين هي من هديه صلى الله عليه وسلم.
إن كنا صادقين محقين في محبته فالفيصل في ذلك أن ننظر في أعمالنا, وفي خطواتنا، وفي أقوالنا، أين هوانا من هواه، أين هدينا من هديه، أين سمتنا من سمته، أين حديثنا من حديثه، أين ليلنا من ليله، أين نهارنا من نهاره، كيف يدعي مسلم أنه يحب الله حقاً، ويحب رسوله صلى الله عليه وسلم وهو يعكف ليلة حتى الفجر على أمور حرمها الله وحرمها رسوله صلى الله عليه وسلم من أغان ماجنة، وأفلام خليعة، ما فيها ما يذكر بالله أو يدعو إلى رسوله صلى الله عليه وسلم.
تقول عائشة (بات عندي صلوات الله وسلامه عليه، حتى وجدت برد جسمه ثم قال لي: يا عائشة! أتأذنين لي أن أعبد ربي؟ قالت: قلت: يا رسول الله! والله إني لأحب قربك، وأحب أن تعبد ربك، فقام صلى الله عليه وسلم إلى شن معلق فتوضأ ثم مكث يصلي ويبكي حتى دخل عليه بلال يستأذنه لصلاة الفجر، فقال له بلال: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال: يا بلال! كيف لا أبكي وقد أنزل علي الليلة، ثم تلا خواتيم آل عمران: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:190 - 191]).