ثم تكلم عن زلة العالم؛ لأن الناس يسمعون قوله ويعجبون بعلمه، فلا بد أن يكون حريصاً على حسن صورته أمامهم، وأن يكون صادقاً في المطابقة بين القول والعمل، وأن يعلم أن العلم أمانة في أدائه وتحمله والعمل به، كان وبالاً على صاحبه وإلا كان عديم النفع للناس.
وزلة العالم: قد تكون بقول، وقد تكون في عمل وسلوك، وقد تكون في رأي يتبع فيه الهوى ويجانب فيه الحق، ثم يصر عليه وتأخذه العزة بالإثم حين ينبه إلى وجه الخطأ فيه، فيلج في عناده ويلتمس لنفسه من الأدلة الزائفة ما لا ينهض به ولا يقيل عثرته.
وكل المذاهب الباطلة والآراء الفاسدة تنتمي إلى هذا الزلل وإلى هذا العناد، والمفترض أن يبحث عن الحق ويلتمس الصواب سواء أجاء نتيجة بحثه هو أم نتيجة إرشاد غيره إليه.
وهكذا حذرنا عمر رضي الله عنه من هذه العوامل الهدامة التي لا يرتفع معها بناء، ولا يصلح معها عمل، ولا يستقيم معها سعي حتى تبرأ الأمة منها، وتأخذ حذرها من أخطارها.
نعم، إن العالم كما يقول المثل: إذا زل العالم زال بزلته عَالَم، فما هو الموقف إذاً من زلة العالم التي ربما تكون متوقعة بحكم الطبيعة البشرية؟!