ليس الشيخ عبد العزيز من أصحاب المواقف الانفعالية، بل هو رحيم، لين، صبور، غير عجول، ولذلك كسب جميع طبقات الناس، وأثر فيهم جميعاً، واجتمعت الكلمة عليه، لا تجد أن الشيخ يحرص على الخصومة مع الآخرين، بل تجد أنه لطيف معهم، حتى لو قيل في أحدهم شيء، سأله بحسن أدب، وخفض صوت: سمعنا كذا، واطلعنا على كذا، وإن كان خطأً قال الشيخ: هذا ليس بجيد، هذا خطأ، قال الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجمع أهل العلم على كذا وهذا لا ينبغي، لكن تجد أن الشيخ لا تسمع منه الكلمة الغليظة القاسية، اللهم إلا إن رأى من خصمه الإصرار والعناد بعد طول الصبر عليه، وطول الدعوة له.
إنه ليس من الحكمة أن نفتعل الخصومة مع الأطراف كلها حتى نثبت أننا شيء وهم شيء آخر، وأننا أصحاب منهج وهم أصحاب منهج آخر، أننا متبعون على حين أنهم أهل بدعة، أو أننا متجردون على حين أنهم أصحاب هوى وغرور، أو أننا ورعون على حين أنهم أصحاب تلبيس وتخليط، فليس هذا من الحكمة، بل صاحب الدعوة يسعى إلى أن يكسب الناس كلهم إلى دعوته بالحسنى وبالكلمة الطيبة، قال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل:125] وهذا في رأيي من أكثر ما يفتقده الدعاة اليوم، فأكثر الدعاة في عجلة من أمرهم، بل من الدعاة من يتعمد أن يغاير الناس، ويخالفهم، وينابذهم، ويثبت أنه شيء وأنهم شيء آخر.
والواقع أنه لا حاجة إلى هذا ما دام أنني أستطيع أن أعلِّم الناس بالحسنى، وبالكتاب والسنة، فالتميز عن الناس ليس مطلباً شرعياً إلا أن يكون تميزاً بالحق، وباتباع الكتاب والسنة، وبلزوم المنهج، والطريقة.
أما التميز بالألقاب، وبالأسماء، والشعارات، وغير ذلك، فهذا مما ليس له داعٍ ما دام أنني أستطيع أن أجمع الناس على الحق وأدعوهم إليه.