زوال الملَّة

فمن زوال الملة: ما حصل في بلاد الأندلس، فإن الإسلام حكم في بلاد الأندلس نحو ثمانية قرون، وقامت فيها رايات الإسلام، وبُنيت المساجد، وارتفعت المنائر والمنابر، ومازال النصارى يجاهدون، ويكابدون، حتى استطاعوا أن يطردوا المسلمين شيئاً فشيئاً، وبذلك زال الإسلام من بلاد الأندلس بالكلية، حتى حوِّلت الآن في هذا العصر المنائر التي كان ينادَى فيها: الله أكبر، الله أكبر، إلى أجراس للكنائس، وجعلت المساجد في عصر من العصور اصطبلات للخيول، أما اليوم فأصبحت في كثير من الأحيان متاحف تعرض فيها الأشياء، والتحف، والأشياء التاريخية، والأمور، والصور، والرسوم، وغيرها؛ ليشاهدها الزوار والسياح من كل مكان.

وأصبح الإسلام غريباً، حتى أنَّ ذِكْرَه اندَرَسَ في بلاد الأندلس، فلا يكاد يذكره أحد، ولا يكاد يسمع به أحد، وهكذا أصبح الأمر كما ذكر أبو البقاء الرندي: حتى المساجد قد صارت كنائس ما فيهن إلا نواقيس وصلبان حتى المآذن تبكي وهي جامدة حتى المنابر تبكي وهي عيدان وهكذا الحال في عدد من البلاد الأوروبية التي حكمها الإسلام، على عهد دولة بني عثمان، فقد بسط العثمانيون سلطانهم على كثير من أنحاء أوروبا، وحكموها بالإسلام، ودانت لهم ردحاً من الزمن، ثم زالت دولة بني عثمان، وتحولت تلك البلاد إلى ديانتها النصرانية الأولى، وعادت إلى ما كانت عليه، فهذا زوال ملة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015