تعدد المصادر المعتمدة للتشريع

الوجه الثالث: أن النص الشرعي أحال على مصادر للتشريع كثيرة متجددة، فكما أن الإنسان يأخذ من القرآن والسنة دليلاً شرعياً، فإن القرآن والسنة أيضاً يدلان على أن الإجماع دليلٌ شرعي؛ فما أجمع المسلمون على وجوبه فهو واجب، وما أجمعوا على منعه فهو ممنوع، وما أجمعوا على استحسانه فهو حسن، وما أجمعوا على كراهيته واستقباحه فهو قبيح ومكروه وهكذا؛ فالإجماع من الأدلة الشرعية المتجددة التي يمكن أن تقع في أي عصر، وإن كان بعض العلماء حصروا الإجماع في إجماع الصحابة أو في إجماع السلف رضوان الله تعالى عليهم.

وأحال النص الشرعي أيضاً على القياس، وإلحاق ما ليس بمعلوم بما هو معلوم إذا اتفقت العلة.

وكذلك من المصادر الشرعية: المصلحة المرسلة، واستصحاب الحال وغير ذلك من المصادر الشرعية التي دل النص على اعتبارها.

إذاً فالوجه الثالث الدال على شمول الشريعة وكمالها وأنه لا تخلو حادثة من الحوادث المتعلقة بالمكلفين من حكم للشريعة فيها: أن النص الشرعي أحال على مصادر تشريعية ثَرَّة متجددة كالقياس والإجماع والاستصحاب والمصلحة المرسلة وغيرها، وهذه القضية المهمة تحدث عنها عدد كبير من علماء الإسلام، وخاصة علماء الأصول، ومن أجمل ما كتب فيها ما كتبه الشيخ الإمام/ ابن قيم الجوزية رحمه الله في كتابه: (إعلام الموقعين عن رب العالمين) في الجزء الأول حيث تكلم عن هذه المسألة، وبيَّن المذاهب فيها ووجه الحق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015