السؤال يقول السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كثير من الدعاة، أو المسلمين يهتمون بالدعوة خارج أسرهم، فينسون نساءهم وأولادهم؛ بحيث يكون هناك فجوة بينه وبين أهله، ويتفرغ للدعوة خارج دائرته، أرجو توجيه كلمة لذلك، وجزاكم الله خيراً؟
صلى الله عليه وسلم الأقربون أولى بالمعروف، والرسول صلى الله عليه وسلم خوطب بقول الله جل وعلا: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء:214] فالداعية يعتبر بيته هو القلعة التي ينطلق منها، وكم من داعية يعير بأن زوجته سافرة، أو أولاده منحرفين، أو إخوانه، أو أقاربه فيهم وفيهم؛ وذلك لأن الناس يعرفون بالفطرة والبداهة أن أولى الناس بدعوتك: هم أقاربك؛ ولذلك كان رفض قريش لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم، من أهم أسباب امتناع العرب عنها زماناً، لأنهم يقولون: هؤلاء أدرى الناس به، فلو كان ما يدعو إليه حقاً لقبلوه، ويقولون: هؤلاء أقرب الناس إليه.
فكانوا هم الأولى بدعوته؛ ولذلك قال الله تعالى: {قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى:23] فأحق الناس بالداعية هم أهل بيته، ومن الخطأ أن ينشغل الداعية بالأبعدين عن أهل بيته، ولا تعارض، يمكن أن يقوم بالواجبين معاً، لكن ينبغي أن يفرغ جزءاً من وقته لأهل بيته ويراقبهم، خاصة -ونحن نعرف- أن أجهزة الإعلام قد اقتحمت البيوت على أهلها، وأصبحت تخاطب الطفل، والمرأة، والكبير، والصغير وكافة الطبقات بوسائل مثيرة، وجذابة، ومغرية، بل من الدعاة -مع الأسف- من يضع هذه الأجهزة في البيت ويخلي بينها وبين أهل البيت، فيشاهدون ما يشاءون، ويسمعون ما يشاءون، ويستمتعون بما يشاءون، دون أن يكون رقيباً عليهم، ودون أن يقدم لهم أي دعوة، وهذا خطأ جسيم.