Q يقول السائل: من المعلوم أن النبي عليه الصلاة والسلام ليس من صفاته الكذب في أثناء الوعيد، فكيف يمكن التوفيق في قوله عليه الصلاة والسلام: {ثلاثة لا يقبل الله منهم صرفاً ولا عدلاً: عاق، ومنان، ومكذب بالقدر} وقول علماء أهل السنة أن هذا من الوعيد فقط إذا وفق بين أحاديث الوعد والوعيد؟
صلى الله عليه وسلم ليس قول أهل السنة هذا من الوعيد معناه أنه ليس له معنى، كما يفهم السائل أو غيره، أو أنه ليس له حقيقة؛ بل يقصدون أن الذين أطلقوا هذه الكلمة من علماء أهل السنة يعنون أن هذه الأحاديث ينبغي أن نبقيها على ما هي عليه؛ ليكون أهيب لها في نفوس الناس؛ لأننا إذا دخلنا في تأويلها، وقلنا: إن هذا مثلاً مخصوص لفئة من الناس، أو أنه في حال دون حال، أو ما أشبه ذلك من الأشياء التي حملها عليها بعض أهل العلم، إن هذا يقلل من تأثيرها، ووقعها على النفوس.
فإبقاء الحديث يقرأ على الناس، ويؤثر فيهم بالالتزام الأوامر، واجتناب النواهي أقوى، وأدعى إلى الامتثال، وليس المقصود أن هذا وعيداً لا حقيقة له، لكن الوعيد قد لا ينفذ، وكما يقول الشاعر العربي: ويعلم ابن العم والجار سطوتي ولا أنثني من سطوة المتهدد وإني وإن أوعدته أو وعدته لمخلف إيعادي ومنجز موعدي أي: أن الوعيد قد يتخلف لسبب من الأسباب، فقد يتوعد الله العبد أو العباد بذنب من الذنوب، ويلقاه عبد بهذا الذنب، ويتخلف الوعيد عنه بسبب من الأسباب، إما لتوبة، أو لكثرة استغفار، أو لأعمال صالحة كثيرة غطت على هذا الأمر، أو لشفاعة قريب من أقربائه، أو لشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، أو لأي سببٍ آخر أو برحمة أرحم الراحمين.
ليس بالضرورة أن ينفذ الوعيد، لكن مجمل العصاة لا بد أن يعذبوا، ولا نحكم على عاص معين بأنه لا بد أن يعذب ما دام داخل في دائرة الإسلام.