سعي الداعية للارتقاء في مراتب الدين

ولذلك أود أن أشير إلى حقيقة، وهي أن الإسلام درجات ومراتب، وهناك الإسلام والإيمان والإحسان كما في حديث جبريل، وهي مراتب يترقى فيها الإنسان من كونه مسلماً فقط إلى كونه مسلماً مؤمناً، ثم يرتقي بعد ذلك إلى كونه مسلماً مؤمناً محسناً، وهذه القسمة الثلاثية: إسلامٌ، ثم إيمان، ثم إحسان، يقابلها القسمة الواردة في الآية {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} [فاطر:32] فيحاول الإنسان أن يترقى من كونه ظالماً لنفسه إلى كونه مقتصداً إلى كونه سابقاً بالخيرات -بإذن الله-.

وهذه القسمة الثلاثية -أيضاً- تناظر القسمة الثلاثية الواردة في السنة، أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الفرقة الناجية، فذكر أولاً الإسلام -كما هو معروف- وهو الضمانة الوحيدة للدخول في الجنة، فلا يدخل الجنة إلا مسلم، وداخل هذه الدائرة الكبرى -وهي دائرة الإسلام- هناك دائرة أضيق، وهي دائرة الفرقة الناجية، وهذه الدائرة تشمل من التزموا بالسلوك المستقيم، والعقيدة الصحيحة وإن لم يقيموا بما وراء ذلك، وهناك دائرة ثالثة أضيق وأضيق وأضيق، وهي أفضل، وأشرف، وأعظم، وهي دائرة الطائفة المنصورة الذين يذبون عن الدين، وينافحون عنه، ويتحملون الأذى، واللأواء في سبيله فينصرهم الله جل وعلا.

فيسعى الإنسان إلى أن يرتقي في هذه الدرجات، ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح مسلم: {أن ينظر الإنسان في الدنيا إلى من دونه فإنه أجدر ألا يزدري نعمة الله عليه} لكن مفهوم ذلك أن ينظر في الدين إلى من فوقه، فحاول أن تتشبه بالفضلاء، والعظماء، والمصلحين، والمجددين؛ حتى يتحقق لك بعض الخير في هذه الدنيا، فكن صاحب نفس طموحه لا ترضى بالوقوف عند حد معلوم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015