العدل مع المؤسسات

كذلك العدل في النظر إلى المؤسسات، والجمعيات، والأعمال، والكتب، أو إلى أي شيء تريد أن تقومه، أو تقيمه، افترض أنك تريد أن تتحدث عن كتاب من الكتب، وهذا الكتاب فيه أحاديث ضعيفة، وأحاديث موضوعة، وفيه أراء شاذة، وهذا كله صحيح، لكن ليس فيه إلا هذا؟! بحيث تذكر الجانب المظلم، والجانب الأسود، وتنسى الجانب الثاني المشرق، هذا ليس من العدل في شيء! هذا ذكر نصف الحقيقة، والغفلة عن النصف الآخر، هو ليس من الأمانة؛ بل كان ينبغي إلى جوار الخطأ، أن تذكر الصواب، وكثير من الناس بمجرد ما يكون الكتاب فيه خطأ، إما أحاديث ضعيفة، أو مسحة من تصوف، أو خطأ في الاعتقاد، أو خطأ في مسائل فقهية يحذرونه، ويحذرون منه.

ولو عاملنا كتب أهل العلم بهذا المنطق؛ لم يبق كتاب من كتب أهل العلم على ضوء هذا المقياس، حتى صحيح البخاري -أصح الكتب بعد كتاب الله- فيه نقص، فيه أبواب بيض لها، لم يضع تحتها أحاديث، وفيه أحاديث معلقة ضعيفة، والأحاديث المعلقة ليست هي الأحاديث الموصولة، حتى لا يلتبس الأمر على بعض من لا يفرقون بين الموصول والمعلق، وهناك مواضع كان الإمام البخاري يريد أن يرجع إليها، أو ما أشبه ذلك، وهناك اختلاف في بعض الروايات، وليس هناك كتاب غير القرآن يسلم من الخطأ.

فإذا قومت كتاباً، لا ينبغي أن تذكر عيوبه، وتحذر من هذا الكتاب، وتنسى ما لهذا الكتاب من الحسنات والإيجابيات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015