العدل مع العدو والصديق

وخذ على سبيل المثال، نماذج من هذا العدل الذي هو: إعطاء كل ذي حق حقه، فمن العدل العدل مع الصديق والعدو، هل نحقق نحن العدل مع الأصدقاء والأعداء؟ أما أن الواحد منا -أحياناً- إذا ذكر صديقه أثنى عليه، ولو كان يعلم أنه لا يستحق هذا الثناء، وإذا ذكر خصمه ذمه ولو كان يعلم أنه خلاف ما يقول، فمتى يصل الداعية إلى درجة ألا تؤثر الصداقة، والعداوة، والقرب، والبغض في تقويمه للأشخاص ومعرفة قدرهم؟ هل يستطيع الداعية -فعلاً- أن يذكر العيوب الموجودة في أقرب الناس إليه، ممن يكونون مثله في المنهج، والطريق، وربما يكونون شركاء في عمل واحد؟ هل يستطيع ذلك؟ وهل يستطيع الداعية أن يثني بصدق على إنسان يختلف معه، وقد ينتقده في أمور معينة، ويكون مجال عمله مجالاً آخر مختلفاً عنه، هل يستطيع ذلك؟ إن كان يستطيع فقد حقق العدل في هذه الناحية، لكن الأغلب من الناس إذا ذكر من يكون شريكاً له في العمل أثنى عليه، ولو كان لا يستحق هذا الثناء، وإذا ذكر إنساناً مخالفاً له في المنهج ذمه، وتجاهل فضائله، وهذا ليس من العدل في شيء؛ بل الله جل وعلا يقول: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة:8] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015