كذلك من التواضع: أن تتواضع إذا عملت خيراً من طاعة أو قربة، ولا يدعوك هذا إلى العجب بهذا العمل، لماذا؟ لأنك تتذكر -كما أسلفت- أنه قد يكون هذا العمل غير مقبول، لسبب من الأسباب، فلا تستكبر به، ولا تمن به على الله جل وعلا.
وكذلك تتواضع إذا نصحت، وأكثر ما يأتي الشيطان للإنسان ويأزه ويعظم عليه الأمر إذا نصح؛ لأن النصيحة معناها: أن فيك نقصاً، فأنا حين آتي إليك، وأقول لك: يا أخي أنت -جزاك الله خيراً- فيك وفيك، وأنت رجلٌُ، ورجلٌ، ورجلٌ، فتفرح بذلك، هذه فطرة عند الإنسان يفرح بالمدح -يحب المدح- لكن إذا قلت لك: ولكن هنا تمسك قلبك؛ لأنك تخشى مما بعد لكن؛ معناها لأنني سوف أرجع، وأنتقدك في بعض العيوب.
وكل واحد منا ولا أعتقد أن واحداً منا إلا كذلك يكره كثرة الملاحظات، إلا أنه إن وجد أنها حق قهر نفسه، وتقبلها، ودعا لمن نبهه إليها، وشكره، لكن الضعيف ربما يستجمع قوته، ويستكبر عن قبول الحق؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: {الكبر بطر الحق} أي: رده، بمعنى أن ترد الحق، فإذا سمعت أحداً ينصح لك فتواضع -يا أخي- وتذكر أنك أهلٌ لكل خطأ، وعيب ونقص، وافرح بإنسان يهدي إليك عيبك.