الوقفة الثالثة: هي وقفة مع كتاب مخطوط وقفت عليه، عنوانه المسيحي المبشر بين المسلمين وهذا الكتاب طبع في لاغوس في نيجيريا، ووزع بين دعاة النصرانية، يعلمهم كيفية الدعوة إلى النصرانية في وسط المجتمع الإسلامي، وهو يدل على الطرق التي يجب على النصراني اتباعها ليكون قدوته في ذلك المسيح، ويكون هو قدوة لغيره.
فيقول مثلاً: فيما يجب أن يكون عليه المسيحي بين المسلمين:" لا بد أن يمنح المسيحي المسلمين حباً جديداً لهم، ويقولون: إننا أخطأنا خطأ عظيماً حين لم نقدم للمسلمين حبنا الكبير، وقد قال المسيح في وصيته: يجب أن تحب جارك كما تحب نفسك، فلا بد أن تقدم الحب للمسلمين، كن صديقاً لهم، تعامل معهم بالأخلاق، إذا خانوك لا تخنهم، هكذا يقول الكتاب: إذا أخطأ المسلم عليك لا تغضب عليه، وفي المقابل: إذا أخطأت أنت عليه فبادر بالاعتذار بتهذيب ولطف، حتى يتقبل المسلم الدين الذي تدعو إليه.
كذلك من الدعوات يقول: افهم عقيدة المسلم، ادرس الإسلام جيداً، ليس فقط من أجل الشبهات لتثيرها في وجه المسلم، ولكن لتحقق فهماً أفضل للإسلام، وتعرف أوجه الشبه بين الإسلام والنصرانية حتى تبدأ بها، حدثهم عن المسيح، شاركهم في حب عيسى وقل لهم: إن حبي لكم يدعوني إلى أن أدعوكم إلى الديانة النصرانية التي هي وسيلة الإنقاذ، ابتعد عن الجدال فإن الجدال لا ينفع أبداً، فالجدال -مثلاً- في ذكر فكرة الثالوث أو في ألوهية المسيح لا يفيدنا، بل أعطهم إجابات بسيطة وفكرة عامة، وحاول أن تأخذ الأمر بنكتة أو فكاهة أكثر مما تأخذه بجد".
هم يدركون أن هذه نقطة ضعف، مثل قضية ألوهية المسيح كما زعموا {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً} [الإسراء43] أو فكرة الثالوث يقولون: إذا ناقشناها نقاشاً علمياً فشلنا فيها، إذاً لا داعي للنقاش، لكن أعطِ إجابات بسيطة وعامة، وأحياناً خذ الأمر بفكاهة، ومن الممكن أن تستخدم بعض الأشياء التي تتشابه مع الإسلام، مثلاً: حدثهم عن ابن السبيل وهو الإنسان الذي ولد في الطريق -هكذا ظنوها- يعنون أن الإنسان الذي ولد في الطريق هو ابن السبيل، فيقولون: ابن الله، من هذا القبيل، والواقع أنهم يكذبون؛ لأنهم يؤمنون بأن المسيح هو ابن الله أي: جزء منه {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [المؤمنون:91] {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [الزخرف:81] يعني ما كان للرحمن ولد، وفي بعض التفاسير أنه على سبيل التعجيز والإنكار أنه لو كان له ولد لاستحق العبادة؛ لأنه جزء منه {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً} [الإسراء43] .
المقصود أنهم يقولون: ممكن أن تقول للمسلم: إنه ابن الله أي: أنه منسوب إليه لقربه منه مثل ما نقول: ابن السبيل، والواقع خلاف ذلك، فهم يعتقدون أن المسيح ولد لله تعالى، هذه هي عقيدتهم.
ومن النصائح الموجودة في هذا الكتاب: استعمل بعض العبارات التي يستعملها المسلمون، كذلك لا تتعرض لشخصية محمد -وتقول صلى الله عليه وسلم- فلست أنت الحكم عليه.
وهم يقولون في دينهم وعقيدتهم: إنهم لا يصدقون النبي صلى الله عليه وسلم، بل يعتقدون أنه غير صادق وأنه كاذب فيما أخبر عن الله عز وجل، لكن يقولون: من أجل ألا تجرح شعور المسلم، لا تتكلم عن الرسول صلى الله عليه وسلم في شيء، دع الحكم عليه لله تبارك وتعالى، من ذلك يقولون: العناية بأمر حرية الدين، فحاول أن تقنع المسلم بحرية الدين وأن الإنسان حر أن يختار من الأديان ما شاء، ومن الممكن أن تستدل بقول الله تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة:256] وأن الإكراه في الدين لا يمكن أن يأتي بتدين وعقيدة صحيحة.
ومعنى الآية معروف أننا لا نكره النصراني على الدخول في الإسلام ولا حتى اليهودي بل ندعوه إلى الإسلام أو الجزية فإن أبى قاتلناه إذا كنا متمكنين قادرين على ذلك، لكن المسلم لا يمكن أن يكون مأذوناً في الإسلام بالخروج إلى دين آخر، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: كما في صحيح البخاري عن ابن عباس: {من بدل دينه فاقتلوه} فلا يقبل منه إلا أن يظل على دينه ويتمسك به، أما إذا خرج من الإسلام بعد أن دخل فيه فإنه لا يقبل منه إلا الدخول في الإسلام وإلا يقتل مرتداً.
كذلك يقول: لا تحاول تغيير دين المسلم، لكن حاول أن يضع المسلم ثقته في المسيح بكل إخلاص ومحبة.
ومن النصائح التي تكلم عنها قضية التعميد وإشهار النصرانية، ويقول: لابد ولو بعد حين أن تدعو هذا المسلم الذي تنصر إلى أن يعلن نصرانيته وأن يتردد على الكنيسة، وأن يتم تعميده، وهو عملية تتخذ للنصراني الجديد إشهاراً وإشعاراً وإعلاناً بأنه دخل في النصرانية، ثم تكلم الكتاب عن الزواج من المرأة النصرانية وقال: ينبغي ألا نسمح بأن يتزوج المسلم نصرانية؛ لأنه وجد بالتجربة أنه بعد حين يتزوج عليها امرأة مسلمة، وقد يضر بها000 هكذا يدعون! والحقيقة أن المرأة النصرانية إذا تزوجها المسلم ربما أسلمت، فلذلك هم قالوا: ينبغي أن نربي المجتمعات النصرانية على ألا يزوجوا بناتهم من مسلم أبداً، وإنما يزوجونهن من الشباب النصارى.