أولاً: من الأشياء التي تترتب على ترك الجهاد: الذل، وقد قال علي بن أبي طالب رضى الله عنه وأرضاه ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا , فهذا الذل الذي يعيشه كثير من أهل الإسلام.
ثانياً: قد نبه عليه صلى الله عليه وسلم فقال: {إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر سلط الله عليكم ذلاً} .
فهذا هو الذل الذي ذكرت أن علي بن أبي طالب أشار إليه وهو تسليط الأعداء.
وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم يتسلطون علينا تسلط الأكلة على قصعتهم فقالوا: يا رسول الله: أومن قلة نحن يومئذٍ يا رسول الله؟ قال: {لا، ولكنكم غثاء كغثاء السيل} .
لقد كان الكفرة في السابق يخافون أهل الإسلام أشد الخوف، ويذكر لنا المؤرخون ما حصل من قتيبة بن مسلم حين أرسل إلى ملك النصارى، ما حصل من ذاك الرسول, فإنه جاءهم في اليوم الأول في لباس الفخر والخيلاء, فلما استشار أصحابه قالوا: إنهم أشبه بالنساء منهم بالرجال, ونرى أن تقاتل هؤلاء، ثم جاءوا في اليوم الثاني وقد لبسوا اللباس الذي يلبسونه مع الأهل فقالوا: نرى أنهم في هذا اليوم أشبه بالرجال منهم بالنساء, ونرى أن تتمهل، ثم لما كان في المرة الثالثة لبسوا لامة الحرب لا يرى منهم إلا الحدق, فقالوا: أما في هذا اليوم فهم أشبه منهم بالشياطين, ونرى أن تعطيهم ما طلبوا وكان قتيبة أقسم أن يطأ أرضهم, وأن يَسِمَ ملوكهم, وأن يأخذ الجزية منهم, أو يسلموا, فقالوا: نبر بقسمه ولا يحضر فأرسلوا له تربة من أرضهم في صحاف الذهب، وأرسلوا له أربعة آلاف من أبناء الملوك, وأرسلوا له الجزية.
أما في هذه الأيام فلم يكتف النصارى ولا اليهود منا بالجزية، بل وصايات على بلدان الإسلام, وأموال أهل الإسلام يتحكمون فيها, يعطون من شاءوا، ويمنعون من شاءوا, ويصادرون من شاءوا, ويؤدبون من شاءوا.
ومنها -إخوتي في الله- التخلف عن أمر الله سبحانه وتعالى حيث أمرنا بالجهاد في سبيله والدعوة إلى الإسلام, وقد حذرنا من هذه الفتن, وهذه الفتن قد تصل إلى الشرك: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:63] , هذه بعض الآثار التي تترتب على ترك الجهاد.