المتبادر إلى أذهان الكثيرين -وربما نكون من بينهم- أن المقصود بالجهاد أولئك الذين يحمل الواحد منهم السيف بيمينه, أو السلاح, أو ألـ (R.
رضي الله عنه.
G) مثلاً, ويضع الخوذة على رأسه, ويضع الدرع أو اللباس الواقي على بدنه, ويركب حصانه, أو دبابته, أو طائرته ليخوض المعركة, هذه هي الصورة الخيالية التي ترتسم في أذهاننا إذا سمعنا كلمة الجهاد, فهل هذا هو المقصود -فعلاً- بهذه الندوة وبهذه الكلمة؟ لننظر: الجهاد مأخوذ من كلمة (جهد) (ج هـ د) الإنسان إذا بذل وسعه في شيء نقول إنه اجتهد في هذا الأمر, بذل جهده فيه ونجح أو فشل, لكن الذي أمامنا أنه جاهد, إذاً أمامنا شخص بذل جهده في شيء وليكن في حمل هذا الإناء -مثلاً- بذل جهده فيه, وأيضاً وجد أن هناك جهداً مقابلاً, أي أن هناك طرفاً آخر يعمل ضده مثلما تقول: "فلان ضارب فلاناً" يعني هذا يضرب هذا, وهذا يضرب هذا, فهي مسألة متبادلة وتفاعل بين طرفين؛ ولهذا يسمونها مفاعلة بين طرفين, فلمَّا نقول: جاهد فلان معناه أن أمامه كافراً يقاتل في سبيل الطاغوت, وفي سبيل الكفر, كما قال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ} [النساء:76] , فهذا المسلم قام بالدعوة إلى الله, وقام بالجهاد في سبيل الله, أي مواجهة الجهد الكافر بجهد مسلم.