الوعظ بالتذكير

أما النوع الثاني -وهو لا يقل أهمية عن النوع الأول- فهو: أننا بحاجة إلى من يذكرنا بالاستفادة من الأشياء التي نعرفها من قبل, فهناك أمور كثيرة جداً نعرفها وما استفدنا منها كما ينبغي, وهذه الأشياء تكون حجة علينا, وأضرب لذلكم بعض الأمثلة:- جاء الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قوم من العرب في الجاهلية, كانوا يعرفون الله عز وجل ويؤدون بعض المناسك, فكانوا يحجون, ويصومون, ويصلون.

أما الحج فكانوا يحجون كما تعرفون جميعاً, أما الصيام فكانوا يصومون يوم عاشوراء حتى في الجاهلية, كما ذكرت عائشة رضى الله عنها, وكانوا يصلون الصلاة, ولكنهم يعبدون أصنامهم وآلهتهم من دون الله، يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر:3] , وكانوا في نسكهم وتلبيتهم يهلون بتلبيات كثيرة منها التلبية التي ذكرها بعض أصحاب السنن كما في صحيح مسلم أنهم كانوا يقولون: {لبيك لا شريك لك لبيك} , فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {ويلكم كفى حسبكم} يعني يكفيكم هذه التلبية، لكنهم لا يكتفون بذلك؛ بل يضيفون إليها كلمه شركية فيقولون: {إلا شريكاً هو لك} -يقصدون الصنم- {تملكه وما ملك} فهذا الشريك يقولون إنه يقربنا إلى الله زلفى.

ولماذا عبدوا هذا الشريك؟ عبدوه لأنه بزعمهم رجل صالح.

[اللات] الذي كانوا يعبدونه, رجل صالح كان يطعم الحجاج ويسقيهم, فأعجبوا بعمله فلما مات بنوا على قبره مسجد أو أقاموا صنماً فعبدوه, ظانين أنه يقربهم إلى الله زلفى, فكانوا يعرفون الله عز وجل, ومع ذلك جاء الرسول صلى الله عليه وسلم يريد أن يعرفهم بالله.

كيف يعرفهم بالله وهم يعرفونه؟ نعم يعرفهم بالله لأن معرفتهم الأولى ما نفعتهم شيئاً، فكانوا يعترفون بأنه الخالق الرازق المحيى المميت ثم يعبدون غيره, فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يقول لهم: إذا كنتم تعلمون أن الله هو الخالق الرازق المحيى المميت, فاعلموا أنه لا يستحق العبادة إلا من كانت هذه صفاته، كيف تقرون له بهذه الصفات ثم تعبدون غيره؟ ممن لا يخلق ولا يرزق ولا يحي ولا يميت ولا ينفع ولا يضر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015