ونحن أيها الإخوة بحاجة إلى نوعين من الوعاظ والمهتدين، نحن بحاجة إلى الواعظ والمرشد الذي يعلمنا ما جهلنا, فنحن لا شك نحتاج إلى التعليم كلنا, وكما قال العلماء: من ظن أنه عالم فقد جهل, من ظن أنه لا يخفى عليه شيء من أمور العلم -كما يقول العوام أحياناً: ما علينا قاصر، وعسى الله أن يهادينا- أي: أننا ما عندنا قصور في العلم، نقول: لا.
علينا قاصر كثير، وعسى الله أن يهدينا, لكن القصور موجود، ويخفى علينا أكثر مما نعرف من أمر الدين، ونحن بحاجة إلى من يعلمنا أمور ديننا.
وأصحاب الرسول عليه الصلاة السلام كانوا يأتون إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فيسألونه هذه الأسئلة في أمور دينهم, حتى نزل قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلوا عَنْهَا حِينَ يُنزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ} [المائدة:101] , فصار المهاجرون والأنصار القريبون من الرسول عليه الصلاة والسلام منهيين عن السؤال عن كثير من الأمور، ولذلك قال أنس بن مالك رضي الله عنه: [[كان يعجبنا أن يأتي الرجل من البادية العاقل، فيسأل الرسول صلى الله عليه وسلم]] لأنه يسأله عن أشياء يستفيدون هم منها، وهم لا يستطيعون أن يسألوا الرسول عليه الصلاة والسلام, فكانوا -أي: أهل البادية- يسألونه عن أمور دينهم، حتى جاء رجل والرسول صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر، وانظروا إلى خلق محمد صلى الله عليه وسلم وحسن معاملته للناس.
الرسول عليه الصلاة والسلام واقف يخطب على المنبر, فيدخل رجل من الباب حتى يقف قبالة الرسول عليه الصلاة والسلام ويقول: يا رسول الله! رجل جاهل جاء يسأل عن دينه، بصوت جهوري, فما قهره الرسول صلى الله عليه وسلم ولا نهره, وإنما نزل من المنبر ووضع له كرسياً قبالة هذا الرجل فجلس, وعلمه علوم دينه الأصلية، ثم رجع إلى خطبته صلى الله عليه وسلم, وهذا حديث في الصحيح.
ويأتيه رجل آخر يقول: يا رسول الله! بين لنا ديننا كأنا خلقنا له.
فكانوا يعترفون بأنهم يحتاجون إلى العلم الذي يبعد عنهم الجهل, والجهل لا شك داء قاتل.
إذاً: نحن محتاجون إلى نوعين من الوعاظ: