Q هناك دعوات للتقريب بين المذاهب ونبذ الخلاف، أعني: إلى التقريب بين أهل السنة والرافضة، فما رأيكم فيمن يتكلمون في ذلك؟
صلى الله عليه وسلم إن الكلام الذي قلناه واضح من حيث التأصيل والحديث، إن الكلام يتعلق بمن هم على أصل اتباع ما كان عليه سلف هذه الأمة من القرآن والسنة والإجماع أياً كانت الأسماء.
أما ما يتعلق بقضية الموقف من المخالفين في أصل من الأصول كالخوارج مثلاً، أو الشيعة أو غيرهم، فهذا موضوع آخر وله حديث، ربما كنت ذكرت جوانب منه؛ لكن الوقت لم يسمح لي بعرضها، وهناك جوانب منها: أولاً: ما يتعلق بضرورة العدل في الحكم.
فالخوارج مثلاً هم شر فرق أهل الإسلام، حتى إنه صح الحديث فيهم عن النبي صلى الله عليه وسلم من نحو عشرة أوجه كما قاله الإمام أحمد، ولم يرد في السنة شيء يصح في أهل البدع إلا ما ورد في الخوارج، ومع ذلك كان القول الراجح الصحيح الذي عليه الصحابة والتابعون وأكابر أهل العلم, وفصله ابن تيمية تفصيلاً: أنهم لا يكفرون، ولهذا لما سئل عنهم علي رضي الله عنه: [أكفار هم؟ قال: من الكفر فروا، قيل: فهم منافقون؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً وهؤلاء يذكرون الله بكرة وعشياً، قالوا: فما نقول؟ قال: إخواننا بغوا علينا] إذاً لابد من العدل، فلم نتكلم فيما يتعلق بموضوع الشيعة مثلاً، وليس هذا المجال مناسباً للحديث، لكن خلاصة كلام أهل العلم، خلاصة ما ذكره الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى في منهاج السنة أو في الصارم المسلول أو في غيره، التفصيل في شأنهم: القسم الأول: هناك أقوال لا شك أنها كفر، فمن ادعى -مثلاً- أن جبريل خان الرسالة، أو أن عائشة الصديقة رضي الله عنها -وقد برأها الله- وقعت في الفاحشة، أو ادعى أن القرآن محرف، أو ادعى كفر الصحابة؛ فهذه الأقوال لا شك أنها كفر.
القسم الثاني: أن يوجد هذا القول عند الإنسان ولكنه لا يجهر به ولا يقوله، بل ينفيه وينكره ويدعي خلافه، فهذا أمره إلى الله تعالى، وظاهره أنه مسلم ويعامل معاملة المسلمين، وحاله مثل المنافق الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر، والمنافق يعامل معاملة المسلم.
القسم الثالث: من لا يعتقد هذه الأشياء ولا يقول بها، ولا يدين بها ظاهراً ولا باطناً، ولكنه يقع في نوع من المخالفة والبدعة، كالمفضلة -مثلاً- الذين يفضلون علياً رضي الله عنه على الشيخين، أو يقعون في بعض البدع العملية، فهذا مسلم ولكنه واقع في شيء من البدعة.
الأمر الثاني: ينبغي أن أؤكد أن هذه الأمم الموجودة داخل الأمة الإسلامية هي بأمس الحاجة إلى الدعوة إلى الله تعالى؛ لأنك لا تصنع شيئاً بمجرد الكلام ومجرد إصدار الأحكام، ولكنك تستطيع أن تصنع الكثير من خلال الدعوة بالتي هي أحسن، والخلق الطيب، ولا يمكن أن تدعو إنساناً وأنت تقسو عليه، كما قال الإمام أحمد: قلَّ ما أغضبت أحداً فقبل منك.
فلا بد أن يكون هناك خلق طيب، وسلوك مستقيم، ومعاملة بالحسنى، ويكون ذلك سبباً إلى دعوة هؤلاء الناس بالأسلوب الأمثل المناسب إلى الله تعالى وإلى السنة النبوية.
الأمر الثالث وهو أيضاً نقطة مهمة: أننا نلاحظ أن خصوم الإسلام يحاولون أن يوظفوا جميع التناقضات الموجودة داخل المجتمع الإسلامي، فعلوا هذا في أفغانستان، وأعتقد أنهم سيفعلونه في العراق، فهم سيحاولون توظيف العرب ضد الأكراد والأكراد ضد العرب، والشيعة ضد السنة والسنة ضد الشيعة، والقبائل ضد بعضها، وهكذا سيحاولون أن يلعبوا على هذه التناقضات إذاً: من السياسة الشرعية ومن الحكمة أن يكون هناك نوع من التعقل في دراسة هذه الأمور وتناولها وتعاطيها, بحيث يستطيع الإنسان أن يجمع بين بيان الحق بأدلته الشرعية وإقامة الحجة على الناس، وإظهار الصواب والقرآن والسنة وأقوال أهل العلم دون أن يفضي الأمر إلى نوع من إثارة خلاف أو صراع في ظرفٍ ربما لا يكون هو الأفضل والأنسب.
أؤكد أن الموضوع هذا يتطلب وقتاً مطولاً؛ ولذلك الكلام ربما يكون فيه نقص، لكن لعله يكون له فرصة أخرى إن شاء الله.