تجنب التعصب والهوى

رابعاً: لا بد من تجنب الغيرة المؤدية إلى البحث عن الزلات، وهذه قضية ينتبه لها، فإن طلاب العلم والدعاة زملاء عمل واحد، وزملاء ميدان واحد؛ وزملاء الميدان الواحد أطباء كانوا أو مهندسين أو طلاب علم أو مدرسين دائماً توجد بينهم الغيرة، فتجد أنني -غالباً- أنظر إلى زميلي طالب العلم الذي جلست وإياه في ساحات العلم وقاعاته وأعتبر أنه مثلي، فإذا وجدت أنه حصل على نجاح معين تحركت الغيرة في نفسي، وبدأت أبحث عن عيوب فلان، وأحاول أن انتقص من قدره بأي طريقة، حتى لو كان عندي ورع، فربما لا أقول: فلان فيه وفيه، لكن إذا ذكر ومدح عندي في مجلس ربما لا أتقبل هذا المدح، وأقول: الله يستر علينا وعليه، أو جزاه الله خيراً، فقد أقول كلمة ظاهرها الدعاء لكن حقيقتها تضمر شيئاً آخر؛ وتضمر أن عندي كلاماً عن فلان لكن أنا لا أحب أن أقوله، فهذا يوجد.

وقد تجلس مع طالب علم لا يقول حتى هذا الكلام لكن تعرف أن في قلبه نوعاً من الغيرة على زميل آخر له، وهذه الغيرة سواءً كانت غيرة شخصية، أم غيرة أوسع من ذلك فإنها تؤدي إلى البحث عن الزلات، وأحياناً الشيطان يصور للإنسان هذه الغيرة بأنها غيرة على حرمات الله، وبأنها من أجل قيادة المسلمين نحو الأفضل، وبأنها لمصالح معينة، لكن أنا حين أجد أن فلاناً أقام محاضرة أو درساً فاجتمع عنده أعداد غفيرة من الناس وازدحم المسجد، فأغار لأنه زميلي، لكن حين أجد أعداداً هائلة من الشباب تزاحموا على المدرجات الرياضية فلا أغار، فالمفروض أن أغار هناك ولا أغار هنا؛ لأن هؤلاء الذين تجمعوا في المسجد هم أهل الخير وهو زميلي وسيقول الكلام الذي أنا أرغب فيه أو أرضى فيه أو بعض الكلام على الأقل، لكن هؤلاء الذين في ساحات الرياضة، أو يزدحمون على الطائرة للسفر إلى هنا أو هناك، ينبغي أن أغار من تجمعهم على هذه الميادين وأغضب من ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015