الوقفة الأولى: إن هذه الخصائص التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم منها ما هو خاص به عليه الصلاة والسلام، ومنها من هو عام له ولأمته، فمن الأشياء الخاصة به صلى الله عليه وسلم -مثلاً- بعض أنواع الشفاعة، فالشفاعة لفصل القضاء خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك الشفاعة لبعض أهل النار أن يخفف عنهم العذاب كما سيأتي الإشارة إليه، فهذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهناك خصائص أخرى عامة له ولأمته، وهذا هو الكثير، ومن ذلك -مثلاً- قوله صلى الله عليه وسلم: {جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة صلى حيث كان} ومنه قوله: {جعلت أمتي خير الأمم} إلى غير ذلك مما سيأتي.
فمعظم الخصائص هي عامة للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمته وليست خاصة له، ولكن حتى الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم فإن للأمة منها حظ كبير ونصيب وافر، فحين يقول النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً: {أوتيت جوامع الكلم} وهذا لا يعني أن هذا الأمر ليس لأمته منه شيء، وكذلك حين يقول: {سميت أحمد} لا يعني أنه ليس للأمة حظ، حين يقول: {ختم بي النبيون} لا يعني أنه ليس للأمة حظ من هذه الخصيصة، بل للأمة حظ يقل أو يكثر من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف لا يكون لها حظ وهي خصائص لنبيها صلى الله عليه وسلم، فلو لم يكن من حظها من هذه الخصائص إلا أنها خصائص للرجل الذي رضيت به رسولاً ونبياً وإماماً وهادياً لكفى ذلك، فهذا مَعْلَم لابد من الوقوف عنده.