نسيان الدليل

السبب الثاني: أن هذا العالم أو ذاك قد يبلغه الدليل لكن ينساه فيفتي بالخلاف، والنسيان وارد حتى في القرآن، فقد ينسى الآية أثناء الكلام أو أثناء الفتوى، ولذلك الرسول عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم: {كان يثني على أبي بن كعب، ويدعو له، ويقول: كأيّ من آية أذكرنيها كنت أنسيتها} وهذا نسيان ليس مطلقاً لكن ينسى في ساعة من الساعات، أو لحظة من اللحظات، ثم يذكر أو يتذكر، ومن باب أولى يقع نسيان السنة.

ومما يمكن أن يضرب به المثال في موضوع نسيان السنة، ما رواه الأئمة أن حذيفة رضي الله عنه كان يصلي بالناس في المدائن، وكان يصلي على دكان -أي: على مكان مرتفع وهو إمام بالناس- فكان معه أبو مسعود الثقفي فجره، فنزل حذيفة وأكمل صلاته، فلما انتهى قال له أبو مسعود رضي الله عنه: ألم تكن تعلم أننا كنا ننهى عن ذلك -أي: كون الإمام يصلي في مكان مرتفع والمأمومون وراءه في منخفض ولغير حاجة- فقال حذيفة رضي الله عنه: بلى، ألم ترني طاوعتك حين مددتني؟ -يعني حين سحبتني أو اجتررتني- وأشار إلى أنه نسي، ثم تذكر لما جره أبو مسعود.

فقد ينسى العالم أو الفقيه، أو طالب العلم الدليل، فإذا ذُكّر به تذكر، ورجع إلى مضمون هذا الدليل.

إذاً من أسباب الخلاف، أو الاختلاف؛ نسيان العالم أو الفقيه لدليل المسألة بعد أن يكون علمه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015