ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

بعض الناس قد يتركون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله, لما يخالط هذه الأشياء من جفاف القلب, ويؤثرون الاشتغال بتهذيب النفس، وإصلاحها وتربيتها, وذلك لما يقوم في نفس المتعبد من لذة العبادة، والقرب من الله عز وجل.

ولذلك ذكر العلماء قديماً وحديثاً أن اللذة التي يجدها العابد في عبادته، قد لا يجدها الداعية في دعوته أو العالم في علمه, لكنه يجد أعظم منها لما يشعر به من أنه قام بواجبات لم يقم بها غيره, ولذلك كان عبد الله بن المبارك المجاهد يخاطب الفضيل بن عياض العابد بقوله: يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك في العبادة تلعب من كان يخضب خده بدموعه فنحورنا بدمائنا تتخضب أو كان يتعب خيله في باطل فخيولنا يوم الصبيحة تتعب ريح العبير لكم ونحن عبيرنا رهج السنابك والغبار الأطيب ولقد أتانا من مقال نبينا ول صحيح صادق لا يكذب لا يُجمعان غبار خيل الله في أنف امرئ ودخان نار تلهب هذا كتاب الله ينطق بيننا يس الشهيد بميت لا يكذب فبعض الناس يؤثر ترك الأمر والنهي والدعوة؛ لما يجد في ذلك من بعض المضار والمفاسد, فإذا خرج الإنسان وشاهد المنكرات, ماذا يحصل له؟! يحصل له تغيرات في قلبه تغيرات وضيق، بل بعض الناس إذا كثرت مشاهدته للمنكر حصل عنده نوع من ضعف الإحساس, ولذلك الإنسان الذي لا يرى المنكرات إذا رأى منكراً ولو كان يسيراً؛ تجده ينفعل من ذلك ويتأثر وقد يبكي وقد يمرض.

لكن إذا استمر مرة وثانية وثالثة، وكثرت مشاهدته لذلك, صار عنده نوع من التطبع، ولذلك كثرة الإمساس يقلل الإحساس.

فقد يترك الإنسان الأمر والنهي وهو واجب عليه؛ خوفاً من ذلك الجانب, ويعتبر هذا من باب الورع, ونسي أن من الورع أن يفعل هذا الواجب الذي ألزمه الله فعله من الأمر والنهي والدعوة وغير ذلك، ولو ترتب عليه بعض المفاسد اليسيرة أو بعض الجفاء في قلبه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015