هذا يؤكد لنا أموراً:- الأمر الأول: الحاجة الشديدة إلى ضبط المسيرة العلمية لشباب الصحوة الإسلامية؛ فإن خطر التعجل كبير، خاصة إذا كان هذا التعجل في الهجوم على العلم الشرعي؛ فإن العلم الشرعي هو تعبير عن دين الله تعالى، والمتكلم في العلوم الشرعية لا يعطينا شيئاً من رأيه الخاص، أو مزاجه، أو كيسه، وإنما هو معبر عن دين الله تعالى، ومترجم عن رب العالمين، وموقع عنه كما سماه الإمام ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين عن رب العالمين فهو ترجمان للقرآن والسنة، ولذلك من الخطورة بمكان، أن يتكلم في ذلك من لا يحسن.
ومجرد الشهرة -مثلاً- لا تكفي، وكبر السن وحده لا يكفي، وقراءة الكتب وحدها لا تكفي، بل لابد أن تتوافر مجموع صفات -كما أسلفنا- في الإنسان تجعله أهلاً لمثل هذا المقام الرفيع العظيم، الذي أسنده الله تعالى إلى رسله، فجعل لهم أمر الفتيا، وكذلك كان العلماء الصالحون هم ورثة الأنبياء.
المصيبة ليست فقط في أن هناك من يتعجل في الهجوم على العلم الشرعي؛ فإن من العلم الشرعي، أشياء ظاهرة معروفة قد يدركها الكثيرون، لكن المصيبة أنك قد تجد من المبتدئين في طلب العلم، من يهجم على المشكلات العويصة، والمسائل الدقيقة، أو ما يعرف بالأغاليط، والقضايا المشكلة التي تحتاج إلى علم غزير، وإلى عقل واسع نافذ، وإلى تبصر، وإلى طول تأمل، فقد تجد إنساناً يسارع في الهجوم على هذه الأمور.