موقف الشباب من المنكرات

أما موقف الشاب من المنكرات التي تواجهه في حياته؛ فإن الشاب يجب أن يتدرع بالصبر والحكمة، فإن الله تبارك وتعالى يقول: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} [البقرة:269] والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه} والإنسان يدرك بالرفق ما لا يدرك بالشدة، فعليه أن يكون رفيقاً ليناً مع أهله، وأبويه وإخوانه وجيرانه وزملائه، ولكن لابد أن يقول كلمة الحق بهذا الرفق، فكلمة الحق لا تضيع أبداً؛ فإنها مثل البذرة التي يلقيها الإنسان في الأرض، فقد تسفي عليها الرياح وينساها صاحبها؛ لكن يأتي المطر بعد حين فيحييها فتنبت بإذن الله، وهكذا كلمة الحق، فلا تيأس منها ولو كان الإنسان منحرفاً أو بعيداً عن الخير، ألق كلمة الحق إليه واجعلها مقرونة باللين والخلق الحسن والابتسامة، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {وتبسمك في وجه أخيك صدقة} وستجد لها من الأثر أضعاف ما تجد لغيرها.

كما أن من واجب الشاب ألا يكون سلبياً تجاه المنكرات التي يجدها، فكثيراً ما تسمع من الناس من يقول: إن المنكرات قد شاعت واتسعت وعمت، ولا أستطيع أن أغير منها شيئاً، فأقول: إن كل إنسان حتى لو كان لا يستطيع الكلام؛ فإنه يستطيع أن يغير بقدر ما يستطيع، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

وأول أثر للتغيير هو على نفس الإنسان المغير؛ لأنك إذا رأيت المنكر ولم تحاول تغييره مرة، ثم مرة، ثم مرة، استسلمت له نفسك، واستساغه قلبك، حتى لا يعود منكراً عندك، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: {ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبه خردل} أي من رأى المنكر ولم يغيره ولم ينكره قلبه فليس في قلبه إيمان ولا مقدار حبة خردل.

فالمؤمن لا بد أن يغير المنكر ولو بالقلب، ولكن هذا التغيير الموجود بالقلب يمكن للإنسان أن يلقيه بالأسلوب المناسب، فإذا رأيت بإنسان معصية وإن كانت مما شاع وذاع في المجتمع-فألقِ الكلمة الطيبة بالأسلوب الطيب ثم اتركها، ستقول: إنه لن يستجيب لي، فأقول: سوف يأتي من الغد إنسان آخر فيقول مثل هذه الكلمة، ويأتي بعد شهر إنسان آخر فيقول مثل هذه الكلمة، حتى يستيقظ قلب هذا الإنسان، فيقول كل الناس أمروني بالخير، أنا محاسب مثلهم، ومسئول مثلهم، وهنا يستيقظ قلبه ويقلع بإذن الله عن المنكر، ولو افترض أن هذا لم يقع فنقول: أنت أيها المنكر قد برئت ذمتك، وتعودت على أن تكون إيجابياً في الخير، وعودت نفسك على الخير وعلى الإنكار، وهذا بحد ذاته كافٍ، والله سبحانه لا يسألك عن النتائج، ولكن يسألك عن الأعمال.

وفي الختام أسأل الله عز وجل أن يهدي شباب المسلمين، وأن يأخذ بأيدينا وأيديهم إلى ما يحب ويرضى، وأن يكتب على أيديهم الخير في مشارق هذه الأمة ومغاربها، وأن يهدينا جميعاً إلى سواء السبيل، وأن يصلح أحوالنا.

وأصلي وأسلم على عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى أله وأصحابه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015