اتخاذ الله شهوداً في الأرض

Q إن الله لا يحتاج شهوداً لا في الدنيا ولا في الآخرة؛ لأنه يعلم بكل شيء ولا يخفى عليه شيء، فكيف يتخذ الله شهوداً؟ أو كيف يتخذ شهداء؟

صلى الله عليه وسلم الشهادة المذكورة في الحديث، بل وفي القرآن الكريم {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} [البقرة:143] ليس سببها العلم الذي يحصل بشهادة هذا الشاهد، كلا! فالله عز وجل هو مقدر الأشياء قبل أن تقع، فهو العليم بها قبل وقوعها وبعد وقوعها، والله عز وجل لا يُنْبّأ بشيء لا يعلمه في السموات ولا في والأرض ولا يخفى عليه خافية سبحانه، وإنما المقصود بالشهادة الإشارة إلى أن المؤمن هو من امتلأت أذنه من ثناء الناس عليه في الدنيا قبل الآخرة، وأن المنافق أو الفاسق هو من امتلأت أذنه من ذم الناس له في الدنيا قبل الآخرة؛ لأن الإسلام دين العمل الاجتماعي، يأمر بالإحسان وحسن الخلق والجود والكرم وبصلة الرحم، وببر الوالدين وبالصدقة، فلذلك إذا حقق الإنسان الإسلام حصل له ثناء الناس، فكان هذا علامة على أنه من أهل الجنة، ولذلك في اللفظ الآخر، في الحديث عند الحاكم وابن حبان وغيرهما، أنه إذا قال أربعة من الناس عن هذا الرجل أنه رجل صالح، فيه كذا وكذا وكذا، قال الله عز وجل: {قد قبلت شهادتكم فيه، وغفرت له ما لا تعملون} أي: هم يحكمون بحسب الظاهر لهم من شأن هذا الإنسان، وإلا فليس المعنى أن الله عز وجل يحتاج إلى شهادة هؤلاء الشهود، كما أن الشهادة على الفاسق من كمال عدل الله عز وجل، ولذلك يوم القيامة، يأتي أناس يشهدون على هذا الفاسق، فيقول: يا ربي أنا ما أقبل شهيداً إلا من نفسي، حتى الملائكة لا يقبل شهادتكم، فيختم الله تعالى على فيه، وينطق جوارحه، فيتكلم لسانه ويده وقدمه وفرجه بما كان يعمل في الدنيا.

فذلك قول الله عز وجل: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يس:65] فإذا شهدت ونطقت خلي بينه وبين الكلام، فيقول هذا الكافر لأعضائه: سحقاً لكُنَ وبعداً، فعنكن كنت أجادل وأناضل، فهذا من كمال عدله جل وعلا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015