غيبة المجاهر بفسقه

المعلم الرابع والأخير: هو الإشارة إلى أن الإنسان أو الناس يجوز لهم غيبة المجاهر بفسقه، فإذا عرفنا في المجتمع إنساناً مجاهراً بفسقه وانحلاله داعياً إلى الضلال، سواء كان من دعاة المذاهب الفاسدة، كالشيوعية والاشتراكية والعلمانية والقومية والحداثة، وغيرها من المذاهب المنحرفة.

أو كان داعياً إلى الشهوات كمروجي المخدرات كما أسلفت، أو مروجي الفواحش، أو مروجي الأفلام السيئة، أو الدعاة إلى أبواب جهنم أياً كان، فمثل هؤلاء غيبتهم مشروعة، ويجب الكلام فيهم وفضحهم أمام الناس، حتى يحذر الناس من شرهم، ولذلك جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان جالساً، وعنده أبو ذر فمر رجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم لـ أبي ذر: {ما رأيك في هذا؟ قال يا رسول الله: هذا رجل من أشراف الناس، هذا رجل حري إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، ثم مضى رجل آخر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما رأيك في هذا؟ قال يا رسول الله: هذا رجل من ضعفاء الناس، هذا حري إن خطب ألا ينكح، وإن شفع لا يشفع، وإن قال لا يسمع لقوله، فقال صلى الله عليه وسلم: هذا -يعني الأخير الضعيف- خير من ملء الأرض مثل هذا} .

الموازين عند الله تختلف عن الموازين عندنا، قد يكون إنسان له عندنا قدر كبير، وهو لا يزن عند الله جناح بعوضة، {يؤتي بالرجل السمين العظيم يوم القيامة فلا يزن عند الله جناح بعوضة} ويؤتي بالرجل الضعيف كـ عبد الله بن مسعود، وله في يوم القيامة من الثقل، ما ليس للجبال، ساقاه أثقل من جبل أحد في الميزان.

الموازين عند الله تختلف عن الموازين عندنا، وكذلك قال صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي أثنى الناس عليه شراً قال: {وجبت} ولم يعاتب أصحابه على أنهم وقعوا فيه، وقالوا فيه: بئس الرجل فيه كذا، وفيه كذا، وفيه كذا.

فإذا كان الإنسان فاسقاً معلناً فسقه، فليس له قيمة ولا كرامة، وقد ورد في ذلك أحاديث لكنها لا تصح، مثل: {من خلع جلباب الحياء لا غيبة له} ومثل حديث {} وهذه الأحاديث عند البيهقي وغيره، لكن فيها ضعف، وإنما الكلام في الضالين والمنحرفين، وغيبتهم وتحذير الناس من شرهم مطلوبة.

أيها الإخوان: ينبغي أن نحرص على ثناء الناس بالأعمال الصالحة، وخاصة أهل الخير والصلاح والاستقامة؛ فإنهم شهود الله في أرضه: {وما من مؤمن يشهد له أربعة من الصالحين بخير إلا أدخله الله الجنة، وقال: قد قبلت شهادتكم فيه وغفرت له ما لا تعلمون} .

أسأل الله لي ولكم الصلاح والتوفيق في عاجل أمرنا وآخره، وخير أيامنا يوم نلقاه، وآخر كلامنا في الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله.

اللهم توفنا وأنت راضٍ عنا، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه يغفر لكم ويتوب عليكم إنه هو الغفور الرحيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015