نزول العذاب

لكن الأمر لا يقف عند هذا الحد، بل يتعداه إلى غيره، يتعداه إلى أمر آخر، وهو نزول العذاب الإلهي، وهو الإهلاك {أنهلك وفينا الصالحون؟ فقال صلى الله عليه وسلم: نعم إذا كثر الخبث} ولهذا بوب الإمام مالك في مؤطئه: (باب ما جاء في عذاب العامة بعمل الخاصة) وساق تحت هذا أثراً عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، أنه قال: [[كان يقال إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة]] أي لا يعذب المجتمع كله بعمل مجموعة من أفراده أو طبقة أو طائفة منهم، لكن -والكلام لا يزال لـ عمر بن عبد العزيز فيما ينقله عن السلف-[[ولكن إذا عملوا المنكر جهاراً؛ استحقوا العقوبة كلهم]] وقد نتساءل أية عقوبة هذه؟ هذه العقوبة أن لا يموت هؤلاء الناس إلا أن يصيبهم الله بعذاب، كما في حديث جرير أيضاً عند أبي داود: {ما من قوم يكون فيهم رجل يعمل بينهم بالمعاصي، يستطيعون أن ينكروا عليه، ثم لم ينكروا، إلا عمهم الله بعقاب من قبل أن يموتوا} وفي حديث أبي بكر رضي الله عنه الذي رواه الترمذي وصححه وأبو داود وغيرهم، روي مرفوعاً وموقوفاً، أن أبا بكر رضي الله عنه قال: [[أيها الناس إنكم تسمعون هذه الآية وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة:105] وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إن الناس إذا رأوا الظالم، فلم يأخذوا على يديه؛ أوشك أن يعمهم الله بعقاب} ]] .

وكما ذكرت فالحديث روي مرفوعاً وموقوفاً، والراجح أنه موقوف، لكن له حكم المرفوع، لأنه مما لا يقال بالرأي، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015