من العقوبات: تسليط الأعداء، فإن الله تعالى قد يبتلي المجتمع المهمل للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بأن يسلط عليهم عدواً خارجياً، فيؤذيهم ويستبيح بيضتهم، وقد يأخذ بعض ما في أيديهم، وقد يتحكم في رقابهم وأموالهم، وقد بلي المسلمون في تاريخهم وبنماذج من ذلك، ولعل من النماذج المعروفة ما وقع للمسلمين في الأندلس، وهم كانوا أمة قوية عزيزة منيعة الجانب، فلما شاعت بينهم المنكرات بلا نكير، سلط الله عليهم النصارى، حتى آل الأمر بهم إلى الصورة التي يذكر الشاعر فيها كيف أن ملوكهم وسادتهم، كانوا ينادى عليهم في أسواق الرقيق، وهم يبكون وينوحون، يقول:- فلو رأيت بكاهم عند بيعهم لهالك الوجد واستهوتك أحزان ويقول قائلهم -وهو من آخر ملوك الطوائف- يخاطب نفسه: ابك مثل النساء ملكاً مضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجال وما حدث في فلسطين، من تسلط اليهود، وطردهم للمسلمين، وتنكيلهم بهم، حتى صارت أخت الأندلس، وذهبت -كما يقول القائل-: ذهبت في لجة الأيام ضائعة ضياع أندلس من قبل في الحقب وطوحت ببنيك الصيد نازلة مثلها أمة الإسلام لم تصب.