من عيوبنا أيضاً في التفكير: العفوية والبساطة أحياناً، وأخذ الأمور -كما يقال- بالبركة.
مثلاً: عدم تقدير المواقف السياسية الدولية.
هذا كثير ما يصاب به المسلمون، ويكون نتيجة لذلك أخطاء في مواقفهم وفي تصرفاتهم، وفي أعمالهم، أياً كانت هذه الأعمال، بسبب عدم قدرتهم على إدراك حساسية المواقف ودراستها بشكلٍ جيد، والمفروض أن الإنسان يعرف الجو الذي يتحرك فيه.
وأيضاً: عدم تقدير قوة العدو، حتى أني أسمع من بعض الشباب.
من يقول: المسلم إذا وجد أي قوة يقاتل بها عدوه؛ لأن الله يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال:60] فإذا أعددنا ما استطعنا الباقي على رب العالمين.
إذاً: لماذا عقد الفقهاء باب الصلح وباب الهدنة مع العدو؟ وتكلموا في هذا، وأنه قد يعقد الصلح مع العدو لأسبابٍ معينة، بسبب عجز المسلم عن قتاله، صلح لفترة محدودة أو في ظرف محدود، فلماذا تكلم الفقهاء في هذا؟ أما كونك تقول: كل إنسان ملك أدنى قدرٍ من القوة كان بإمكانه أن يواجه عدوه.
هذا ليس بصحيح، بل ينبغي أن تقدر قوة عدوك، وقد تصل إلى نتيجة أنه لا يمكن مواجهة العدو، والمسلمون بـ مكة قد قيل لهم: {كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [النساء:77] .
وفي أفغانستان قد نستطيع أن نقول: لنا قوة تواجه قوة عدونا وتكافئ قوة العدو، أو تقرب منها بحيث نستطيع أن نقاومه.
لكن قد يكون في بلادٍ أخرى لا يملك المسلمون هذه القوة، فهل يمكن أن يقوموا بقرارٍ كذلك القرار بدون دراسة؟ هذا ليس بصحيح.
أيضاً من العفوية والبساطة: عدم تقدير قوة العدو.
قد تجد أن العدو يملك قوى لا تستطيع أن تواجهها أو تكافئها، ودراسة هذه الأمور ووضعها في موضعها لابد منه، فنحن أيضاً -وهذا ضمن عفويتنا وبساطتنا- مسرفون في كثير من الأحيان في تقدير قيمة القوة البدنية والعسكرية، وشدة الاعتقاد بما يسميه المعاصرون الحل العسكري، نتصور أن الكلاشينكوف -كما يقال- تحل جميع المشكلات، وهذه مشكلة وخطأ كبير، وخلل كبير في التفكير.