استشعار المراقبة

تصور -يا أخي- لو أنك -فعلاً- تشعر أن الله يراقبك، تصور للحظة فقط هذا المشهد، أنت ذاهب وآيب، تصور أن الذي أبدعك، وأوجدك في هذه الدنيا، منّ عليك، وأعطاك النَفَسَ الذي تتنفسه، والماء الذي تشربه، والطعام الذي تأكله، الذي أنعم عليك بكل شيء؛ تصور أنه يراقبك، وقد قال لك: افعل كذا واترك كذا، بأي نفسية سوف تعصيه، وبأي نفسية سوف تخالف أمره، الحقيقة أن مع الإيمان القوي يبعد جداً أن يقع الإنسان في معصية، أو أن يخالف عن طاعة؛ لأنه يشعر -فعلاً- بالرقابة الإلهية، ولذلك قال الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: {لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه بها أبصارهم وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن} هل معنى ذلك أن الإنسان إذا فعل شيئاً من هذه المعاصي يكون قد كفر وخرج من الإسلام وهو يعلم أنها حرام هل يكفر؟ لا يكفر كفراً أكبر، لا، إنما المقصود أن حقيقة الإيمان خرجت من قلبه -حقيقة الإيمان بمعنى كمال الإيمان- الإيمان القوي الرادع عن فعل المعصية، خرج من قلبه في تلك اللحظة، ومعنى ذلك أنه لو تصور -فعلاً- وهو يزني أن الله يراه، هل يمكن أن يقع هذا العمل؟ أبداً؛ لكن في لحظة المعصية غاب الإيمان الحقيقي من القلب، وبقيت الصورة، ولذلك -أيضاً- ورد عن ابن عباس أنه قال: [[إن العبد إذا زنى ارتفع الإيمان من قلبه حتى يكون فوق رأسه كالظلة، فإذا تاب رجع إليه]] إذاً الإيمان الحقيقي هو الذي يخرج أو يغيب أثناء فعل المعصية، فإذا تاب الإنسان من فعل هذه المعصية، وأقلع منها، عاد إليه الإيمان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015